رجال من تيرس زمور نجحوا في عملهم (محمد ولد لزقم)

ثلاثاء, 2017/07/04 - 7:28م

 محمد ولد لزقم رجل ستيني ذو أصول شمالية من البلاد  استفاد من حقه في التقاعد في يوم 31 من شهر دجمبر الماضي وهو أشهر شخصية على الإطلاق بالنسبة للمسافرين جوا من وإلى ازويرات.

فلم تخلو طقوس ترتيبات إجراءات السفر لأي رحلة جوية مغادرة لمدينة ازويرات مُنذ عقود من الزمن من مشهد لولد لزقم في استماتة من أجل إنهاء إجراءات السفر لمسافرين قبل إقلاع الرحلة موفرا عليهم عناء الوصول إلى المطار قبل الوقت المحدد لإقلاع الرحلة وفق ما تمليه عليه طبيعة مهنته التي خدم فيها بجد وإخلاص كل المسافرين من عمال الشركة والمرضى المرفوعين والضيوف المسافرين الذين تتطلب إجراءات ضيافتهم تسهيل كل الأمور ذات الصلة بسفرهم وهو ما ساعد في رسم صورة ناصعة لدى الضيوف عن كرم الضيافة التي يتميز بها المواطنون في ولاية تيرس زمور.

 بالنسبة للمسافرين القادمين إلى مطار ازويرات لا تتغير الصورة كثيرا فبعد أن يصل المسافر إلى المطار   يلاحظ حركة متواصلة للعمال العاملين في المطار في أول وهلة قبل أن يطل ولد لزقم من داخلهم بحثا عن ضيف في مهمة لشركة سنيم أو مسؤولين فيها قدموا لتوهم من السفر أو مكلفين بمهام أو أعضاء وفود حكومية قرروا الإقامة في شقق تابعة للشركة.

ولد لزقم يقوم بإجراءات سفر بعض المسافرين في مطار ازويراتفتراه بين الركاب القادمين يأخذ حقابهم من أجل وضعها في السيارات التي تنتظرهم بكل أريحية وصبر لم يكدرهما تعدد المسافرين القادمين ولا طول الفترة  التي انتظر فيها بالمطار لأنه آمن بكونه بمثابة الواجهة الأمامية لمدينة ازويرات بالنسبة للزائرين القادمين إليها. لذلك يتطلب الأمر بالنسبة له بعض التضحية  والإيمان القوي والإخلاص في العمل فكان كالشمعة تحترق من أجل أن تنير للآخرين.

 ولد محمد في مدينة أطار سنة 1955 من أبوين منحدرين من نفس المنطقة هما احمد ولد لزقم ومريم بنت صيكه.

التحق بشركة سنيم بعد التأميم وبالذات في 19 من شهر فبراير سنة 1976 حيث عمل أولا في المخزن العام (Magasin Général) لمدة 13 سنة قبل أن يلتحق بالمصلحة الملحقة بإدارة الاستغلال بمدينة ازويرات سنة 1989 متوليا مسؤولية المسافرين واستقبال القادمين والعابرين.

وهي المسؤولية التي تتطلب صبرا كبيرا ويقظة شديدة توفرتا في ولد لزقم منذ الوهلة الأولى من عملها.

وعلى الرغم من أن جزءا كبيرا من العمل الذي يمارسه خارج وقت الدوام فإنه لم يسأل قط عن ساعات إضافية مستحقه لأن همه الوحيد كان إنجاز عمله بإتقان من أجل كسب ثقة رؤسائه في العمل وود المسافرين.

تقاعد محمد ولد لزقم خلال شهر دجمبر الماضي رفقة مجموعة من العمال الذين خدموا في الشركة خلال عقود خلت فخطب فيهم خلال حفل عشاء توديعي أقامته الشركة في ازويرات مؤكدا أن المجموعة المتقاعدة معه خدمت في شركة سنيم طيلة عقود من الزمن رفقة عمال آخرين وتركت خلفها آثارا طيبة وعلاقات قوية مع الجميع إدارة وعمالا.

وتضمن الخطاب وصية للعمال الحاليين بعد توديعهم يحثهم فيه على العمل المخلص والتضحية في سبيل  العبور بالشركة إلى بر الأمان ومساعدتها لتخطي المرحلة التي وصفها بالصعبة حيث يقول إن شركات أخرى دولية عجزت عن البقاء بفعل الظروف الاقتصادية الدولية الجديدة مؤكدا أن ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا بتضافر جهود الجميع متمنيا أن تتجاوز الشركة الوضعية الاقتصادية العالمية الخاصة وأن تعيش مزيدا من الازدهار.

أعطى محمد ولد لزقم وهو يودع العمل في الشركة المنجمية مثالا حيّا على التضحية من أجل الوطن والإخلاص في العمل. فرغم استفادته من حقه في التقاعد واصل عمله بالطريقة الاعتيادية لفترة شهر وبشكل تطوعي من أجل المساعدة على نقل خبراته المتراكمة المكتسبة في هذا المجال لخلفه مدفوعا بعلاقته الطيبة مع رئيسه المباشر في العمل وتلك التي تربطه بعمال المصلحة التي كان يعمل بها.

 محمد ولد لزقم ينتظر وصول بعض الضيوف في رحلة الموريتانية للطيرانفكان كلما يدعوه أحد إلى التوقف عن العمل لصالح الشركة بعد استفادته من التقاعد يرد بأن العلاقات التي تربطه برؤسائه طيلة فترة عمله والفترة التي احتضنته خلالها الشركة تركا فيه أثرا إيجابيا ودافعا قويا لمواصلة العمل بشكل مجاني مهما تطلب الأمر من الزمن.

في بداية شهر فباير من السنة الحالية عين خلفا له وهو أحد مواليد ازويرات الشباب النشطين يدعى دبداب ولد أحمد واهنه وتفرغ ولد لزقم لحياة جديدة تاركا وراءه فراغا يصعب سده.

فكم سيفتقد المسؤولون ذلك الوجه الذي ألفوه لهذه المدة الطويلة والذي تظهر سحناة وجهه جدية قل نظيرها في العمل تحكي قصة ارتباط العامل في سنيم بمحيطه العملي.