في وداع حبيب..

جمعة, 2017/12/08 - 8:41م

شد انتباهي و أنا أدرس القسم الرابع، شعبة الرياضيات في ثانوية أطار سنة 1990 ذلك المراهق الذي يُلصق عينيه بعيني في تصرف لا يتنافى مع السلوك الحميد لأسرة كريمة من هذه الأسر الموريتانية التي ربت أولادها على الأخلاق الحميدة و علمتها من سيرة السلف الصالح..
افتقدته بعد ذلك لبعض الوقت حتى التقيت به في العالم الافتراضي و علمت أنه من المشاركين في مسابقة أمير الشعراء فكنت من أوائل المساندين لتلميذي الوفي..
لم يشأ الله أن يكون لنا لقاء فعلي حتى نهاية سبتمبر الماضي عندما رن هاتفي مساء و خاطبني ذلك الصوت الحنون معبرا عن الفرحة و السرور بهذا اللقاء في تلك الليلة..
استدعاني لمنزله في حي كانصادو و سمرنا بعض الوقت...
أعجبت بثقافة الإطار المهندس الشيخ الذي كان يقول بتواضعه المعهود: " أنا لست سوى ميكانيكي صغير..." و كنت أرد عليه بل أنت أديب وشاعر و ناقد..."
لم يطل سمرنا كثيرا.. و ذهبت من نواذيبو لأعود إليها في نهاية شهر أكتوبر...
لم أشأ أن أ‘علمه باستقرارنا في ذات الحي الذي يقطن فيه.. ولكنه علم بذلك.. و ذهب في مهمة عمل إلى زويرات.. وأخبرني أحد أفراد أسرته أنه ينوي أن يسلم علينا في المنزل الجديد.. و عاد من رحلة العمل.. و التقيته أمام المتجر الصغير.. فهرع إلي مسلما و معتذرا و قائلا إنه لا يحييني إلا في المنزل.. قلتُ له إنني جد مرتاح لتدوينته عني في اليوم العالمي للمدرس.. ضحك... و كان مستعجلا .. ولكنه أكثر من عبارات الترحيب و الاعتذار...
مرت أيام قليلة، أقل من أسبوع.. و سمعت هذا الصباح خبر وفاته.. فتوجهت على الفور إلى مقر عيادة الشركة.. و سالتُ عنه.. فدلوني عليه في غرفة الحالات المستعجلة و هو مُسجى تحت غطاء أبيض ناصع.. نصاعة أفكاره و هادئ هدوء أخلاقه..
كانت الجموع التي حضرت الصلاة عليه تقدر بالمئات من المصلين.. و كان حديث الشارع و المكاتب في نواذيبو هذا الصباح، كله، عن المرحوم الشيخ ولد بلعمش... تغمده الله برحمته و أسكنه فسيح جناته.. و أحسن عزاء الأهل و الأقارب و الأصدقاء فيه... إنا لله و إنا إليه راجعون..
الأستاذ سيد محمد ولد متالي