رسالة من صحفي إلى والدة الشيخ ولد بلعمش

سبت, 2017/12/09 - 9:00م

سيدتي الفاضلة والدتنا والدة الشيخ ولد بلعمش
الآن يمكنك ان تكوني مثل بقية الأمهات فقد انفقت من سعتك،كان لابد ان تقدمي محتسبة صابرة زكاة من اولادك بعد ان بلغوا النصاب في اخلاقهم وعلمهم وتدينهم ونبلهم وبرهم بك وبغيرك..كان يحتمل ان نقبل -فماباليد حيلة-برحيل واحد منهم اذ انها سنة الحياة،لكن الغريب اننا وجدنا انفسنا نتجرع رحيلهم واحدا بعد الآخر،ولم نضل ولم نكفر وانما استسلمنا واحتسبنا، هل تعرفين لماذا؟لأنك كنت لنا عونا في ذلك باحتسابك وصبرك..زكاتك سيدتي الفاضلة الشريفة كانت كبيرة جدا وعظيمة جدا ومؤلمة اكثر من كل ذلك لكنها امتحان لك وطريق للجنة والمغفرة.

آخر الذاهبين عن بيتنا وبيتكم كان رمزا من رموز هذا البلد،ورمزا من رموز الانسانية جمعاء،الشيخ كان شيخا في عقله صبيا في براءته لذيذا كقطعة السكر..

ابن خالي وابن عمي،كنت افاخر به نفسي فأحرضها على بذل الجهد في التعلم والترفع والكرم والصدق والأمانة والحب الحقيقي، حب محمد صلى الله عليه وسلم،وكنت في كل مرة انظر الى وجهي في المرآة فأرى انني بعيد من ابن امحيرث..وكيف لأي منا ان يبلغ مبلغه..لقد انعم الله عليه بأن جعله بين الناس محببا، وتلك منحة ربانية لها مابعدها وماقبلها.
الشيخ توليفة رائعة من لباقة وكياسة المشارقة وصلابة اهل الكدية وكرم رجال الصحراء،جاء خليطا يستساغ هضمه ويستحب ازدراده،ساحر حين يحدث، حزين ومنكسر الخاطر حين يلمح ضعيفا او منبوذا او محتقرا لضعف فيه.

ماذا سأقول،هل اتحدث عن شعره؟ لست مؤهلا لذاك ورب الكعبة،هل اتحدث عن اخلاقة؟ لن اضيف في هذا المضمار ولن ابلغ فيه غايتي،فأنا عاجز حقا عن التعبير.

الشيخ كان لي اخا وابن عم وخالا وملهما وانسانا رائعا احتسيه بهدوء حتى لاينفد،لكنه نفد فجأة دون ان يشعرني وبقيت تلك الثمالة في مكانها، سأحتفظ بها ماحييت وسأرتشفها بعناية لأنها اكسير حياة وماء بقاء يجب ان يظل.

لعل التكنولوجيا تساعدنا في الاحتفاظ به بيننا، ادبه محفوظ،وخط انامله باق..طيبته تطيف بنا وتطوف،وستظل معنا في اخوته واولاده الذين سيحفظهم الله رحمة بنا وبالأم المؤمنة المحتسبة..الأكيد لدي الآن ان الشيخ الذي بكاه اهل موريتانيا اليوم لن يتكلم لنا ولن يداعبنا ولن يصلح بين اثنين ولن يزيدنا من شعره ضد المستهزئين والقتلة والظالمين ولن يلعن اترامب ا وينتصر للقدس فقد مات..وكان الشخص الوحيد الذي لم يبك هذا الصباح.غير اننا مسلمون وتعلمنا الصبر والاحتساب من الأم التي انجبت فتى مثل الشيخ وفتية مثل اخوته،حفظهم الله.

رحم الله اخي وصديقي وابن عمي وخالي وملهمي ومتعتي وغذاء روحي وادخله الجنة.

انا لله وانا اليه راجعون ولاحول ولاقوة الا بالله،وسأعود للموضوع فقلبي لايطيق الآن..

محمد الامين ولد محمودي