لأي الزوجين الفضل في السعادة ؟ (قصة واقعية)

اثنين, 2017/12/11 - 3:59م
المدون الصحراوي خبوز

في اليوم الثاني من ايام عيد الاضحى المبارك خرجت بعد الظهر لزيارة بعض الاحباب وبينما انا اسير شرقا في احدى الدوائر، اعترض سبيلي صديق قديم في الدراسة ،  فغير وجهتي ملزما علي اصطحابه الى بيته كفرصة للتلاقي والتحادث ايام الصبا والمراهقة ، دخلنا بيت الصديق المتواضع ذو الجودة العالية في التنظيم والنظافة واثناء مجلسنا ثار انتباهي مناداة صديقي لبنيه باسماء تعكس الوفاء والعهد ، اسماء دخيلة على مجتمعنا مما اثار غريزة حب استطلاعي عن السر في الامر ، ويبدو من الوهلة الاولى لاي جديد التعرف على العائلة المثالية الرمز انهما شقيقين توأمين لما يطبع تعاملها ويتخلل احادثهما بتبادل البشاشة وطيب الانسجام ، اللهم اذا كشف احد الابناء بُكرةً السر من خلال مناداة احدهما ببابا او ماما ، فرد علي الصديق الزوج قائلا : لن ابوحك لك بالسر الا بحضور فلانة مع راحة بالها اي بعد اتمام خدمات التكريم والواجب .
تناولنا كؤوسَ شايٍ جيدة التشيي وكلما دخلت علينا الزوجة تخاطب زوجها بابتسامة وممازحة ويلك مني ان اعطيتني كاسا باردا او غير متقون .

احضرت الزوجة الوجبات دفعة واحدة وجلست بالقرب من زوجها الركبة في الركبة والتفتت اليه كعادتها بشوشة انت ¨ تكطع ونحن نوكلو ¨ فلم يتوان الزوج بابتسامة الطاعة شارطا اياها ان تقول لي سبب تسمية الابناء وما كان منها الا طأطأة الرأس بالالتزام .

الزوجة : اي مقال ان لم تكن تعرف مقامه لن تفهم مضمونه ولا قيمته وبالتالي انت لست بالاول ولن تكون بالاخير يسألنا عن هذا الامر ونحن ندرك ونتفهم جيدا عقلية المجتمع وبالخصوص لما يكون في الامر  استغراب او اي شيء جديد غير مالوف ، والحالة بسيطة جدا لكن الناس كما يقال ...... على العموم قبل ما اتعرف على صديقك هذا كنت معلمة ولم يخطر ببالى في ذلك الوقت الزواج ولو انني اتيقن انّي قادمة عليه يوما ما اذا ارادت قدرته تعالى ذلك ولي والد رحمه الله كلمته سائرة كما سمعتكم انتم تقولون عن احوال الاوامر في العسكر فهو محترم جدا ونحن قليل ما نجالسه اذا كان عندنا احد من غير العائلة واذا اخذ امرا ما سار مفعولا ، وذات مساء يوم اربعاء اتذكر بتاريخ كذا وانا عائدة من المدرسة الى الخيمة وعند اقترابي محيطها وقع نظرى على نسوة تشيد خيمة اخرى امام خيمتنا مباشرة فوقع في ذاكرتي للوهلة الاولى انه احد من الاحباب يرغب في مجاورتنا ولم أتوان في يد المساعدة للنسوة في انتصاب الخيمة  ، فهمست احداهن في اذني أنصرفي من هناعلى عجل فهذه هي خيمة نشاط زفافك والناس ثرثارة ، فصعد معي من اسفل قدمي الى رأسي تيار كهربائي كاد ان يجعلني
طريحة ارض من شدة هول المفاجأة ولم اتمالك توازني وانا في البحث عن جهة والدتي الى ان وقعت طريحة بين فخذيها وانا لم افق بعد من صدمة المفاجأة ، فرشتني ماء باردا ورشقتني بنظرة عاجلة  راجية ان استسلم لقضاء الله وقدره خاتمة تمتمتها المتقطعة والمبللة دموعا قائلة : يا بنتي انا اقدر امر حالك لكنك تعرفين قرارات والدك ولم يأخذ استشارتي وقال انه اعطى التزام لوالد العريس ولن يتراجع عنه وبالتالي لم يبق لك الا السكوت وتنفيذ اوامر والدك .

فوقعت بين امرين كلاهما مر ، اما ان اسلم جسدي لشبح مفترس لم اره او ارفض قرار ابي وهذا الاخير يُعت

بر انتحار وبعد صراع طويل مع طيور هواجس المواقف التي تشق ذاكرتي كالمنشار هذا او ذاك وانا استغفر واتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وجسمي ينمل من شدة وقع هذا الكابوس ، فقررت ان احافظ على سمعة ابي و اقاوم هذا الضيف المفترس حتى ييأس مني .

وكان وقع زغاريد النساء في اذني كمن يقطع اشلائي بالموس ، وعند الدخول ( الترواح ) ارادوا حملي الى المفترس ، فامتنعت ومشيت مترجلة وجلست بالقرب منه وانصرف الزافون وطلبت منه مرافقتي لقضاء الحاجة في الفسيح الخارجي لان المراحيض وقتها لم تكن موجودة بالخيام وانا في واقع الامر اريد به الابتعاد عن تصنت المتسللين خفية ¨ البراكة ¨ وانفلقت عليه غضبا : يا اخي هل ترضى لنفسك بجسد ترفضك روحه ، هل انت في سوق مواشي تشتري كما تحب ، الا تعلم ان الامور الاجتماعية التي تتطلب الشراكة في الحياة تُقاس حسناً بالتراضي بعد دراسة في التعارف والاحتكاك الى اختبار التوافق والانسجام تليق لي او أليق لك في وقت كلانا لم ير بعضنا ولا لحظة واحدة  ، اي مشاعر ستتقاسمها معي او اتقاسمها معك وعلى اساس ماذا ؟ .....الخ
وهو يصغي الي باهتمام وبرودة اعصاب ، وعليه فانا رضيت بامر الواقع شكلا ونزول عند رغبة ابي ، فلا تُحرجني جزاك الله خيرا على اخراج الامور الى العلن ونصبح حديث الناس ، من فضلك ارجوك ان تتفهم .

فما وجدت منه الا تفهما يتخلله حلاوة الحديث ورزانته بثقة نفس قائلا : نعم لقد ظلمتك وانا بدوري لقد اقدمت على الامر نزولا كذلك عند رغبة ابي الذي لم اخالف له امرا ولا توجهاً وانا مطيع لكل ما طاب له خاطرك ولسيما في امر املك قراره بعد تنفيذ رغبة والدي رحمه الله ، وانهال الزوجان بكاءا وهما يتشابكان الايدي عند تذكرهما لوالديهما وانقطعا عن تناول نشوة الوجبة التي قدماها تكريما لي وساد الصمت في المجلس ، فحاولت تخفيف الامور وعاتبت نفسي كثيرا على اثارة الموضوع  ، مرت دقائق ثم استردفت في الحديث قائلة : طلبت منه طلاقي ، فلم يتردد في الامر وقال لي لكِ ماشئت غدا ان شاء الله ، فقاطعته وكيف غدا ، أتريد الناس ان تسقط علينا الشبوهات ، لا ، فأتفقنا بعد نقاش عميق ان نبقى لمدة عام كامل حفاظا على اتفاق الاباء وسمعتهما مشروط ان لا يُلامس بعضنا البعض مع الاحتفاظ بالسر وان نتظاهر بالوفاق وقد أثلج صدري وارتاح بالي .
رجعنا الى الخيمة وكان ذلك في ربع الليل الاخير ، مرت كل مراسيم الزفاف كالعادة وعامة الناس يظنون ان الامور تسير على المعتاد ونحن نتظاهر بالانسجام ونتبادل الابتسامات وكل ما هدى الليل الى سكونه يلجأ كل منا الى شطر من الخيمة حتى الصباح الباكر.

الزوج مشغول بالشاي ولم يقاطعها الا بابتسامات متفاوتة و هي تستنجد بذاكرتها وتتابع الحديث : سارت الامور على احسن مايرام وكما اتفقنا ولم يخل بعضنا بالاتفاق طيلة اجازاته الاربعة التي يأتي بها من الجيش اي مدة خمسة عشر يوم من كل ثلاثة اشهر بالرغم ان ¨الرجال كلهم اطفال¨ وتلتفت اليه وهي تبتسم وكل اجازة له بعد اخرى اكتشف فيه خصال حميدة وصفات للرجولة قرأت عنها في التاريخ ولم اجد رجالها في عصرنا هذا، وغزى سلوكه المؤدب وخلقه الرفيع والتزامه بالعهد مشاعري ولم اتذكر طيلة السنة كاملة انه استصغرني او خاطبني وهو كئيب او اثقل كاهلي او مشاعري بسوء .

في صباح اليوم ما بعد الاخير من اجازته الرابعة والاخيرة من سنة الاتفاق وانا اقيم شاي افطار الصباح ، فاذا به يطلب مني تعجيل الكأس الاخير لأنه سيقضي اليومين الاخيرين مع والديه وسيمر على ادارة الدائرة لتوثيق عندها الطلاق الذي اتفقنا عليه ولم يبق من عهدة الوفاق الا شهر ونصف وهو لم يكن متواجد فيها ، فانتابني من جديد التيار الكهربائي الذي مسني للوهلة الاولى اثناء مفاجأة الزفاف لكن هذه المرة لفراغ حبيب قل نموذجه وتغلبت علي مشاعر الحياء و الخجل والتردد ُيلعثم لساني أبوح له بما انطوت عليه مشاعري نحوهه ، وأتردد وحين استعنت بالله وتعوذت من الشيطان الرجيم كما فعلت في الموقف الاول ، فلم اشعر الا وانا جالسة في حضنه : اليوم انت اولى بي من اي كان وانا اولى بك من اي كانت وتعانقنا للمرة الاولى يتلامس فيها اجسادنا .

طلبت منه تمديد اجازته من طرف جهته وكان الامر كذلك وقررنا في حالة اذا انجبنا ذكرا نسميه كذا وان كانت انثى كذا تخليدا لذاك العهد الوقور وهذا هو السر .

فرحم الله ابوينا اللذين اهدايانا بعد الله عزوجل الى السعادة الزوجية ، ولو لم اكن اخاف مخالفة شرع الله لناديت زوجي هذا بابي لما يتمتع به من صفات الابوة من حنان وعطف وصبر الى .....اخره .

بتصرف عن

le commandant 

جابيز .