أدت بعثة من شركة BCM الأسترالية التي سيعهد إليها باستغلال خامات منجم افديرك بموجب اتفاق مع شركة سنيم زيارة صباح الأمس الأحد لمدينتي ازويرات وافديرك قدتها إلى الموقع المنجمي الذي تعتزم استغلاله في كدية الجل بمحاذاة مدينة افديرك واطلع الوفد على تفاصيل البرنامج المعد لاستغلال المنجم المذكور ووقف على الخطة المتعلقة بالحفر الاستخراجي وبحثت البعثة خلال زيارتها مع المسؤولين في مختبر سنيم الآلية المتبعة في تدقيق ورقابة الجودة وشمل برنامج الزيارة بعض منشآت الشركة ومكاتبها العامة واختتمت بتفقد موقع To14 في كدية الجل حيث اطلعت على طريقة الاستغلال المنجمي المتبعة في الموقع وأساليب المعالجة والشحن باعتبارها هي ذاتها الذي ستعتمدها الشركة في استغلال منجم افديرك.
ويعود تاريخ استغلال أحد الموقعين المنجميين المعنيين بالاتفاقية إلى بداية الستينات من طرف الشركة الفرنسية ميفرما التي كانت تعتمد في الاستغلال على خطة تتمثل في استغلال خامات الحديد السهلة والمكشوفة، الرخيصة الكلفة، إلا أن شركة ميفرما أغلقت الموقع بعد نفاذ خاماته السهلة واكتشاف مواقع أخرى في مناطق متفرقة من كدية الجل أقرب إلى ازويرات، ومنذ ذلك الوقت ظل الموقع مغلقا.
وخلال سنة 2006 أطلقت شركة سنيم عمليات تنقيب في محيط الموقع المغلق واستمرت 6 سنوات حيث تمكنت في البداية من اكتشاف احتياطات هامة من خامات الحديد الغنية في الموقع المذكور بلغت 40 مليون طن 18 مليونا منها نسبة الحديد فيها مرتفعة جدا إذ تبلغ 63% فيما تبلغ النسبة في ال 22 مليون طن المتبقية 56% ثم تابعت الشركة عمليات التنقيب لتكتشف احتياطات أخرى هامة على امتدادها شرقا وبالذات في منطقة السياله بلغت احتياطاتها 24 مليون طن من ضمنها مليون طن نسبة الحديد مرتفعة جدا فيها والباقي متوسطة لتختتم عمليات التنقيب في سنة 2012.
وتعتبر احتياطات موقعي افديرك هي أهم احتياطات لدى الشركة من خامات الحديد الغنية حيث تبلغ 62 مليون طن إذ يوشك موقع لمهودات على الإغلاق بعد تراجع حجم احتياطاته لتصل إلى 9 آلاف طن بينما تبلغ احتياطات منجم To14 شرقي كدية الجل 40 مليون طن. ويمكن استخراج احتياطات افديرك من خامات الحديد لفترة 23 سنة بقدرة إنتاجية تتراوح ما ما بين مليوني طن إلى 3 ملايين.
ويكتسي استغلال هذين الموقعين من طرف شركة سنيم أهمية قصوى لديها باعتبارها خامات غنية بالحديد من جهة ونظرًا لحجم احتياطاتها إلا أن الشركة بقت عاجزة عن استغلالهما نتيجة لارتفاع كلفة الاستثمار البالغة 200 مليون دولار والتي سيخصص جزء كبير منها للتعرية حيث يتطلب الوصول إلى الخامات القابلة للبيع نزع عشرات الأطنان من النفايات أو الحجارة العقيمة فيما سيخصص الجزء المتبقي من المبلغ لتشييد منشآت للمناولة بداية من الكسار Concasseur وانتهاء في جهاز الشحن والتفريغ بالإضافة إلى تكاليف ذات الصلة باقتناء الآليات المنجمية المطلوبة للعمل فضلا عن اكتتاب المصادر البشرية المؤهلة.
ويمكن لمحاولة فهم الصعوبة التي وجدتها سنيم في استغلال منجم افديرك العودة إلى جواب السؤال : لماذا لم تستطع شركة سنيم زيادة إنتاجها بشكل ملحوظ رغم تجربتها المتراكمة في مجال استخراج الحديد؟
وللإجابة على هذا السؤال يمكن القول بأن شركة سنيم ظلت تعرف صعوبات جمة في مجال استخراج الحديد بشكليه الفقير والغني.
فعلى مستوى خامات الحديد الفقيرة التي تتطلب الخضوع لعمليات الإغناء في المصانع فإن الشركة تملك منها احتياطات كبيرة في كلب الغين والمرتفعات المحيطة بها غير أن المشاكل التي تحول دون الرفع من مستوى الانتاج في هذه العينة من المعادن تكمن في المصانع التي تتم فيها المعالجة والتي تعاني من مشاكل تقنية واختلالات. أما على مستوى المعادن الغنية التي لا تتطلب المعالجة وجاهزة للتصدير فإن المشاكل التي تعيق انتاج كميات كبيرة منها تتمثل في الجهد والتكاليف الباهظة التي يتطلبها نزع الخامات العقيمة للوصول إلى تلك الجاهزة للبيع إذ يتطلب استخراج طن من خامات الحديد الغنية استخراج من 10 أطنان إلى 20 طنا من الخامات العقيمة وهو ما يكلف الشركة المنجمية الموريتانية 2 دولارا عن كل طن عقيم بالإضافة إلى ما تتطلبه العملية من وقت لا يحسب في عملية الاستخراج.
ومن هذا المنطلق يمكن أن نستنتج أن سنيم ليس لديها من الوسائل والآليات ما يمكن أن تخصصه لنزع الخامات العقيمة في افديرك للوصول إلى الخامات الغنية لأن هذه العملية تتطلب وقتا معتبرا وتجنيد العدد الكافي من الآليات وإذا ما خصصت لتنفيذها بعض آلياتها العاملة في المجال فسيكون إنتاجها مهددا بالتراجع بنسبة الثلثين وهو ما لا تطيقه وضعية الشركة الحالية.
و لا يرى العارفون بعمليات الاستخراج ضيرا في أن تعقد شركة سنيم شراكات مع شركات أخرى
بغرض تكليفها باستخراج الخامات العقيمة باستخدام وسائلها الخاصة مقابل التكاليف التي كانت تنفقها الشركة في العملية على أن تتفرق سنيم وآلياتها لاستخراج الخامات الغنية وهو ما سيمكن الشركة من مضاعفة إنتاجها لعدة مرات وخاصة إذا ما تم تحسين أداء مصنعي كلب الغين.
ويضيف العارفون أن سنيم في حال نجحت في الحصول على هذه الشراكات ستكون غنية عن التنازل عن اكبر احتياطاتها من الخامات الغنية في افديرك وفي حال لم تحصل على تلك الشراكات فإنها ستكون مرغمة على التنازل عنها.
ورغم أن الاتفاقية لها ما يبررها من الناحية الفنية والعملاتية كما أوضحنا سابقا في معالجتنا لهذا الموضوع إلا أن ما يثير اللقط في الصفوف القيادية للشركة أن الإدارات المكلفة بالمشاريع والشراكة التابعة للشركة لم يتم إشعارها بالاتفاقية ولم تطلع على تفاصيلها ولم تأخذ آراؤها بالحسبان.
ازويرات ميديا