فكرة تجارية.. بدأت بعامل واحد وتجسدت بسواعد العمال

جمعة, 2023/11/10 - 11:26ص

تمكن 240 عاملا في الشركة الوطنية للصناعة والمناجم "سنيم" بمدينة ازويرات، من تجسيد فكرة تجارية عابرة إلى واقع ملموس، من خلال الإستثمار في مشروع تجاري، وفر لعمال الشركة المواد الغذائية بشكل مخفض، وللمشاركين فيه استثمارا مربحا، فضلا عن خلقه 6 فرص عمل دائمة.
بدأت فكرة المشروع التجاري تتبلور لدى الإطار في شركة "سنيم" السيد محمد ولد أحمد الشيخ خلال رمضان الماضي، عندما كان يتجول في السوق المعروف ب"سوق المغرب"، حيث لاحظ بالصدفة، الفرق الشاسع بين ثمن البطيخ الأحمر في انواكشوط، وثمنه في ازويرات، حيث يباع الكيلوغرام الواحد منه في العاصمة ب 60 أوقية قديمة، فيما يصل إلى 300 أوقية في ازويرات.
وهكذا، استوعب الإطار بسرعة حجم تلاعب التجار في الأسعار، ومدى تأثير ذلك على سكان المدينة المنجمية، والعمال وأسرهم بشكل خاص، فتولدت لديه فكرة بإنشاء تعاونية تجارية على شكل مؤسسة، يفتح رأس مالها أمام العمال.
ولأنه يدرك عقلية العمال ومستوى إمكاناتهم المادية، ويريد لفكرته التجارية أن تتجسد على أرض الواقع، اختار ترويج فكرته في صفوف العمال في شهر مارس، وهي فترة تسبق استفادة العمال من الإمتيازات المالية التي تقترحها إدارتهم العامة ويوافق عليها مجلس إدارة الشركة في اجتماعه المعتاد شهر ابريل، كما تسبق شهر مايو الذي يحصل فيه العمال على علاوة المردودية السنوية PCR، وهي الفترة الوحيدة التي يرى صاحب الفكرة أن بإمكان العمال أن يشاركوا فيها بأي اشتثمار.
وفي تصريح لازويرات ميديا، أكد رئيس الأمين التنفيذي للمجموعة التجارية العمالية، أنه بدأ بعد عودته مباشرة إلى ازويرات، في الترويج للفكرة في منبر لدى عمال الشركة، يعرف ب"منبر عمال سنيم"، فكان مثار نقاش وتفهم من طرف مجموعة كبيرة من العمال، بدأ تبني الفكرة من عدة عمال فأعدوا نظاما داخليا، قبل إنشاء مجموعة على الوات ساب باسم المجموعة التجارية، ثم فتح رابط للراغبين في الإنضمام إليها. وأضاف ولد ولد أحمد الشيخ "شرعنا بعد ذلك في إعداد نماذج من طلبات الإنتساب يحدد فيها العامل المعطيات الشخصية المتعلقة به، كالإسم والرقم الإستدلالي ورقم الهاتف، ثم يحدد عدد الأسهم التي سيشارك بها مع العلم أن السهم الواحد يبلغ 100 ألف أوقية قديمة".
وكشف عن أن أسهم المشاركات بلغت حوالي 10 ملايين أوقية قديمة في فترة لم تتجاوز أسبوعين على إنطلاق المبادرة، وقد اتصل بهم خلال تلك الفترة رئيس وكالة "بيم بانك" وطلب منهم فتح حساب للمبادرة في وكالته. وأشار إلى أن حوالي 80% من بين العمال المؤسسين، عقدوا جمعية عامة في نادي الصقور، وانتخبوا مجلسا للإدارة، ثم اختاروا مجموعة من العمال الشباب، كانت تعمل خلال الفترة الماضية على ترويج الفكرة، كمستشارين للمجلس، ثم بدأت المشاركات تتضاعف من خلال دفع عشرات الأسهم في الحساب البنكي الخاص بالمبادرة، إلى وصل العدد إلى 260 مساهم، بعضهم مشارك ب 10 أسهم، والبعض ب 5 أسهم، وآخر بسهمين، والأغلبية بسهم واحد.
وأوضح الرئيس التنفيذي انتقال المبادرة من فكرة إلى واقع ملموس، حيث تم تشكيل لجان بعضها لإقتناء التجهيزات الداخلية للمجمع التجاري، وأخرى للبحث عن مقر، وثالثة للمشتريات، ورابعة معنية بالبحث عن أجهزة التبريد ومولد كهربائي وسيارة. بدأت كل لجنة تعمل بشكل مستقل عن الأخرى، وانطلق العمل في جلب أول شحنة من التجارة العامة، اشتروها من التجار الكبار في انواكشوط، وأخرى من الخضروات، ثم توصلوا لإتفاق مع أحد الجزارين بموجيه يوفر اللحوم بشكل دائم للتجمع، واقتنوا سيارة، ثم شرعوا في اكتتاب 6 عمال بطريقة شفافة، وبرواتب مريحة. وهكذا بدأت المجموعة نشاطها منذ أيام قليلة، وفق نظام عصري يحدد فيه الحاسوب للزبون سعر البضاعة، بعد تعرفه على الكود الخاص بها. وأضاف أن المجموعة التجارية العمالية، حددت لكل بضاعة 3 أسعار. الأول خاص بالمنتسبين، ولهم الحق في نسبة 20% من التخفيض، وبالنسبة للعمال الآخرين حدد لهم سعرا أخفض من سعر السوق.
وتتوفر المجموعة التجارية على خدمة للتوصيل مقابل مبلغ رمزي حسب ولد أحمد الشيخ.
ولفت الأمين التنفيذي إلى أن المجموعة التجارية، أنشئت من أجل أن تكمل الخدمات التي يقدمها مخزن سنيم، حيث تزود العامل بالبضائع غير المتوفرة في المخزن.
مغتنما فرصة لقاء ازويرات ميديا لتوجيه رسالة إلى الإداري المدير العام لشركة "سنيم" من أجل تلبية طلبين كانت المجموعة العمالية وجهتهما له مسبقا، دون أن تتلقى حتى الآن ردا عليهما. الأول يتمثل في السماح للعامل باقتناء كل مستلزماته من المجمع، على أن تقتطعهما الشركة من راتبه لصالح المجموعة التجارية، والثاني يتمثل في وضع المقر السابق لشركة سوماغاز تحت تصرف المجموعة، من أجل فتح فرع ثان لها في الأحياء العمالية الخاصة بالشركة. وكشف النقاب عن أن المجمع التجاري بصدد الدخول في شراكات مع محطة بيع المحروقات، وصيدلية ومطاعم، من أجل توجيه الزبناء لها، مقابل البيع للمجموعة بطريقة مخفضة، فضلا عن توفير المواد المستخدمة في مجال البناء، لتمكين العمال من تشييد منازل بسعر مخفض، ولو عن طريق السلفة. وشدد على أن المبادرة التجارية لم تكن من أجل الربح، وإنما من أجل مساعدة العمال بطريقة تضمن استمرار المبادرة، مضيفا أن الجمعية العامة ستعقد كل سنة من أجل تحديد مصير الأرباح السنوية، لإضافتها إلى رأس المال، أو توزيعها على المنتسبين حسب عدد أسهمهم.
وفي سؤال لازويرات ميديا حول ما إذا كانت المبادرة ما تزال مفتوحة أمام مشاركات العمال، قال الأمين التنفيذي أن أي عامل يمكن أن ينضم عبر تقديم طلب للأمين التنفيذي، وفي حال قبوله يدفع أسهمه مباشرة في الحساب الخاص بالمجموعة.
وكانت المجموعة التجارية العمالية قد قامت بمبادرتين، الأولى تمثلت في توفير 170 أضحية للعمال بسعر مخفض خلال شهر عيد الأضحى تتراوح أسعارها ما بين 50 و 55 ألف أوقية فضلا عن توفير الأدوات والمستلزمات المدرسية بسعر مخفض بالتزامن مع الإفتتاح المدرسي.