صديقي العزيز؛ أشعر بأنني معني بالرد على موقفك تجاه شهدائنا في حرب الصحراء الذين وصفتهم بأنهم "ضحايا". هذه التصريحات سبق أن أدلى بها شخص غير متعلم ومتدني الأخلاق ولم يعر لها أحد أي اهتمام، لكن حين تأتي من طرفكم فإن الأمر يختلف. أنت موريتاني من مواليد بئر ام اغرين؛ أصبحت صحراويا كما أصبح آخرون مغاربة، وأنت اليوم كنديا وموريتانيا في نفس الوقت، لا يهم؛ لأن لكل شخص في النهاية مطلق الحرية في اختيار انتمائه. صديقي العزيز؛ إخوتك الكبار مثل الكثير ممن ينحدرون من الزويرات أصبحوا صحراويين وكانوا أصدقائي في الطفولة خلال مرحلة التعليم الأساسي والثانوي في أطار ونواكشوط. لقد كبرنا معا في ربوع موريتانيا وتقاسمنا أفراحنا وأتراحنا. لقد حملوا السلاح ضدنا واستخدم بعضهم العنف ضد معتقلينا الذين كان أغلبهم مدنيون وبعضهم زملاء دراسة سابقون. لا يهم؛ فربما لديهم مبرراتهم. عاد عدد من هؤلاء الصحراويين اليوم إلى موريتانيا واستأنف حياته، فموريتانيا أصبحت ملاذا وملجأ كريما لجميع الصحراويين لكن عددا كبيرا منهم -كما تعلم- لا يعترفون بالجميل؛ على الأقل في خطابهم، لكنهم مع ذلك يظلون إخوة لنا وهم في حاجة إلينا أكثر من حاجتنا إليهم. حين تقول أنت تقي الله إن شهداءنا ليسوا كذلك؛ فأنت تسيء لذاكرتهم وتسيء لنا أيضا. كان بإمكانك معالجة الماضي السياسي كما تريد؛ ولم أكن لأتفاعل معك في ذلك؛ لكنك بالغتَ كثيرا ولا أعتقد أن القادة الصحراويين بإمكانهم الحديث بخطاب مماثل. لقد حمل عدد كبير من أبنائنا السلاح وهم في سن المراهقة لأن بلدهم كان في حرب ولم يكن عدد مقاتلينا يتجاوز ألف شخص. ولا يمكن للمقاتل أثناء الحرب أن يناقش مشروعية خوض الحرب من عدمها وإلا لما كانت هناك حرب أصلا. هل تعتقد أن جنودنا الأعزاء هم من أعلن الحرب على جارنا؟ علينا أن نكون حاسمين؛ في كل الأمم يسمى قتلى الحرب شهداء؛ بما في ذلك موريتانيا. فشهداؤنا ليسوا ضحايا كما لو أنهم ماتوا في حادث سير عرضي. يستحق شهداؤنا على الأقل الاحترام مثل شهدائكم. نقديرا لكل ما سبق فإنه عليك أن تسحب هذه الكلمة. ربما لن تفعل؛ لكن تأكد أن وقعها مؤلم؛ مؤلم جدا. وغير مبرر!.