في يوم:2005/11/24 قررت أن أنهي عملي كضابط متن علي إحدي البواخر الأجنبية التي عملت علي متنها لمدة ثلاث سنوات وكنت شاهدا علي ما يقوم به هذا الأسطول الأجنبي من نهب للثروة الوطنية حتي وصل الأمر بملاك هذه البواخر إلي إحتقار الدولة الموريتانية ومن يمثلها من مفتشين وبحارة وفرق البحرية الوطنية التي تأتي للتفتيش وإعطاء إذن الخروج للبواخر لتحط حمولتها المسروقة خارج الوطن.
ومما يؤلم أن البواخر الأجنبية لم تكن في تلك الفترة التي سبقت وصول الشيخ للمندوبية تعترف بالدولة الموريتانية كصاحبة سيادة علي مياهها الإقليمية.
نتذكر أننافي سنة2004 خرجنا المياه الإقليمية من دون تفتيش أو إذن مرتين إلي إحدي الدول المجاورة لتفريغ الحمولة ثم العودة إلي المياه الموريتانية دون علم الدولة
وفي 2005 حيث كانت الراحة البيولوجية في تلك الفترة تقع في شهري( شبتمبر وأكتوبر) من كل سنة وبعد نهايتها عدت إلي العمل علي متن الباخرة الأجنبية فاتح نفمبر وفي تلك الفترة أصبح الشيخ مندوبا علي المندوبية المكلفة برقابة الصيد بالتفتيش البحري(d.s.p.c.m) وعندما بدأنا العمل وبحكم المكان الذي أعمل فيه(غرفة القيادة) كان يتاح لي أن سماع أحاديث قباطنة البواخر الأجنبية العاملة في موريتانيا وهم يتحدثون مع قائد الباخرة التي أنا علي متنها وكان حديثهم ينصب حول ( الشيخ) وأنا حينها لم أكن أعرف هذا الإسم شخصيا إلا أنني سمعت أنه أصبح مندوبا مكلفا بالرقابة البحرية بعد تولي المرحوم أعلي ولد محمدفال مقاليد السلطة في الوطن.
ومما يتحدثون به عنه أنه رجل جاد ومجد وصارم في عمله وأن رجال الأعمال لم يتمكنوا من التأثير عليه أو إغرائه مع الإشارة إلي أنهم حاولوا معه بكل الوسائل دون جدوي
وأن المحيط الذي كانو يجرون فيه شباكهم صاحبة العيون الضيقة المصنوعة من نوعية الخيوط المحرمة شرقا وغربا شمالا وجنوبا مرورا باالمحميات الطبيعية وصولا إلي الشواطئ لم يعد كما كان وأنه من الأن فصاعدا عليهم أولا أن يعلموا أنهم يعملون في دولة وأن الدولة تسمي الجمهورية الإسلامية الموريتانية وأنها عندها قوانين وشروط على من يريد الصيد في مياهها أن يحترمها وأن لايحاول بأي حال من الأحوال اللف والدوران فمن إرتكب مخالفة فسيطبق عليه القانون الموريتاني ولاشيئ غير القانون
أعجبت بالرجل وبما هو عازم عليه وأنا من شاهدت ثروات بلادي تنتهب وأبناء وطني يحتقرون في وطنهم فقررت أن أنهي عملي من علي متن تلك الباخرة وأن أحاول أن التقي بالرجل علي اليابسة وفي صبيحة يوم 24/11/2005
خرجت من المحيط إلي اليابسة( أنواكشوط) وبعد وصولي بدأت أفكر في الطريقة التي تمكنني من لقاء المندوب الشيخ وأنا لا أعرفه و لا أعرف من يعرفه مع العلم أني لست من من يملكون الوساطات والتدخلات التي تسهل لهم الطريق إلي من يريدون لقائه
وجدت من دلني علي منزل الشيخ ولد بايه وكان ذلك يوم الجمعة فقررت الذهاب إليه بعد صلاة الجمعة وفعلت ما قررت دخلت إلى الدار وجدت أحد العمال سألته هل الشيخ موجود سمع هو حديثي مع العامل فسأل الشيخ العامل من الذي يسأل عني أجبته أنا نيابة عن العامل قائلا أنا بحار قادم من البحر أريد الحديث إليك إن أمكن ذلك رد علي أهلابك ٱنتظرني في قاعة الضيوف سآتيك حالا أمر العامل أن يأتيني باالشراب والشاي
ولم تمضي إلا دقائق قليلة ودخل علي المندوب مرحبا قائلالي هات ماعندك قلت أنا ضابط متن ( officier pont de peche) كنت أعمل منذو ثلاث سنوات علي متن إحدي البواخر الأجنبية وعندي بعض المعلومات أريد أن أزودكم بها علها تساعدكم في عملكم الجبار الذي تقومون به منذ توليكم مهمة الرقابة البحرية قال لي ٱنتظر قليلا ذهب عني وعاد إلي مصحوبا بورقة وقلم سألني عن إسمي وإسم الباخرة التي كنت أعمل علي متنها وعن رقم هاتفي
سجل كل المعلومات التي سألني عنها حتى أنه أمرني برسم مخططا للباخرة التي كنت علي متنها محددا طولها وعرضها ومكان تخزين السمك وكيف كان طاقمها الأجنبي يتعامل مع الموريتانيين من بحاره ومفتشين إن وجدو
دون كل المعلومات بجد وقال لي يمكنك أن تذهب سأتصل بك لاحقا....ودعته وذهبت إلي زملاء لي لأكمل معهم بقية يومي سألني أحدهم قائلا لما ذا أنت علي اليابسة وأهل البحر في البحر وأنت كنت واحدامنهم قصصت عليه قصصي ولقائي بالمندوب وأنه أخذ رقم هاتفي ليتصل علي لاحقا ضحك صاحبي وأستدرك قائلا لن يتصل بك لأنك لا تعرفه ولا تعرف من يعرفه قلت له حسنا سنري
في مساء اليوم الثالث بعد لقائي بالشيخ رن هاتفي إستقبلت المتصل وأنا لا أعرف من هو حياني بتحية الإسلام ثم خاطبني قا ئلا ذالك يعقوب قلت له نعم قال لي معك الشيخ ولد بايه المندوب أنت في أنواكشوط أجبته بنعم سألني قائلا هل عندك ملابس تصلح للبحر أجبته بنعم قال لي جهز حالك الساعة السادسة صباحا وكن عندي في المنزل نفذت ما أمرني به وجئت إلي المنزل إستقبلني أحد الأشخاص وأدخلني إلي قاعة الضيوف وقدم لي إفطارا ساخنا مصحوبا بكلمات ترحيب وأن الشيخ سيأتيني بعد قليل
دقائق ويدخل المندوب ويلقي علي التحية ثم يحدثني قائلا سيأتيك ضابط من البحرية الوطنية ذاكرا إسمه( نتحفظ علي ذكر إسمه الآن لأنه مازال في الخدمة) ويذهب بك إلي باخرة تابعة للمندوبية لتذهب علي متنها في مهمة تفتيش أكلفك أنا شخصيا بها أوصلني الضابط إلي قائد الباخرة ( لا أريد أن أذكر إسمه لأنه مازال يخدم في البحرية الوطنية كما أني لا أريد أن أذكر إسم الباخرة)
إستقبلني وأبحرت معه وقمت بالمهمة التي أسند إلي الشيخ علي أحسن وجه ولما رجعت إلي أنواكشوط إتصل بي مهنئا وشاكرا ومن هنا بدأت علاقتي بالرجل عرفت فيه الصدق والصراحة وعدم المجاملة وحبه لمن يتقن عمله والصرامة والتطحية من أجل موريتانيا كل موريتانيا