
بعد 6 أشهر من العمل في العيادة المجمعة للشركة الوطنية للصناعة والمناجم سنيم في مدينة ازويرات، كطبيب متعاون في التخدير والإنعاش، استحق الدكتور التونسي عصام رمضان إجازة قصيرة، بالتزامن مع ظهور أول حالة من الإصابة بفيروس كورنا المسجد في انواكشوط.
قرر الطبيب أن يخصص هذا الوقت لزوجته، التي تعمل في أحد المصارف بتونس، دون غيرها، فالوقت بالنسبة له لا يسمح بأكثر من ذلك. قرر الزوجان الإلتقاء في المغرب لقضاء أيام جميلة، في جولة سياحية بالمملكة المغربية. استغل الطبيب آخر رحلة للموريتانية للطيران، للمغادرة إلى انواكشوط يوم 16 من شهر مارس، إذ كانت تنتظره أخرى نفس الليلة، أقلته إلى العاصمة الإقتصادية المغربية الدار البيضاء، دون أن يعلم أنها ستكون آخر رحلة من وإلى موريتانيا.
انتظر الطبيب التونسي بشغف كبير، وصول زوجته، لكنه سرعان ما توصل إلى أخبار غير سارة، فالمغرب اتخذ قرارا بوقف كل الرحلات، من وإلى المملكة المغربية، وكذلك فعلت موريتانيا قبل ذلك، فقرر العودة إلى موريتانيا عن طريق البر، واستغل من أجل تحقيق هذا الغرض، رحلة جوية داخلية أقلته إلى مدينة لعيون، ومنها غادر برا إلى المعبر الحدودي 55. تزامن وصوله مع تواجد عدد كبير من الطلاب الموريتانيين عالقين في المعبر الحدودي، بعد قرار السلطات الموريتانية إغلاق المنافذ البرية، وانتظر مع الطلاب عله يجد فرصة، للعودة إلى موريتانيا.
جاء قرار السلطات الموريتانية بعد يومين، بالسماح للطلاب بالعبور، عبر قافلة سيتم إخضاع المشاركين فيها للحجر الصحي، لكن الطبيب التونسي ظل عالقا، فالأجانب لم يشملهم القرار.
تفاقمت معاناة الطبيب مع نفاذ سيولته، وساءت حالته، فاتصل هاتفيا بزميل له تونسي يعمل معه في نفس العيادة، وبادر الآخير بإرسال مبلغ مالي لزميله من أجل مساعدته في محنته.
بدأت إدارة الشركة الوطنية للصناعة والمناجم في اتصالات مكوكية، مع مختلف الأطراف في الحكومة، من أجل حل مشكلة الطبيب، الذي تحتاجه ازويرات في هذه الأوقات، أكثر من أي وقت مضى، فعمليات مساعدة المصابين بالفيروس تتطلب أخصائيا في الإنعاش.
بدأت اتصالاتها بواليي تيرس زمور وداخلة انواذيبو وانتهت بمواقع عليا في الدولة. تمخضت هذه الإتصالات عن السماح للشركة الوطنية المعدنية بالعبور بالطبيب، الحدود الموريتانية، عبر سيارة إسعاف نقلته مباشرة إلى مدينة ازويرات، لتنتهي رحلة الغرام المثيرة، بإخضاعه لحجر صحي ذاتي في منزله وإخضاع السائق الذي أقله للحجر ذاته، ولسان حاله يقول :
عزمي كنت إلَى متٌَنتُ @ ماهُ هِيٌِنْ كان امَّلَّاهْ
غيرْ الحَكتْ العَزيمَةُ @ لنا والقضاءُ لله
ورغم أن فترة الحجر الصحي التي أخضع لها الطبيب وسائقه كان من المفترض أن تنتهي يوم الجمعة الماضي إلا أنها مددت إلى أسبوع آخر استجابة للزيادة التي أقرتها السلطات الصحية لفترة الحجر والتي مددتها من أسبوعين إلى 3 أسابيع.