كانت الصدمة كبيرة في ولاية تيرس زمور، والخبر مزلزلا، إثر الإعلان عن خبر وفاة أحد أكبر أطر الولاية، وأكثرهم تواضعا، وطيبة وبشاشة، وتنكرا للذات، إنه المغفور له بإذن الله العقيد المتقاعد في قطاع الجمارك، مولاي اعل ولد الداف، الذي وافاه الأجل المحتوم ليل البارحة في إسبانيا، بعد صراع مع المرض.
لم يكن الفقيد شخصية عادية، فقد استطاع المزاوجة بين عمله كضابط سام في قطاع الجمارك، وشخصيته التقليدية، كأحد وجهاء وأعيان ولاية تيرس زمور.
أحب الولاية وسكانها بكل قلبه، و أصر على المشاركة في كل الإجتماعات، الهادفة إلى الرفع من شأنها، فكان أحد السياسيين المحنكين، الذين لا يشق لهم غبارا، ما جعله يحتل مكانة بارزة لدى مسيري الشأن العام، وتقديرا قل نظيره من طرف العامة.
وأكثر من ذلك، كان ولد الداف أحد عمالقة الأدب الموريتاني، فكان كلما زار الولاية يتنقل بين هضابها، ومرتفعاتها ووديانها، متأملا في جمال طبيعتها الأخاذة، فيبدأ يقرض شعرا يعكس ارتباطه بأرضه، وحنينه إليها.
رغم شهرة أسرة أهل الداف الفاضلة، فلم تكن لي معرفة سابقة بالفقيد غير أن السياسة ودهاليزها مكناني من التعرف عليه عن قرب وعلى مدى أكثر من عشرين سنة فكان الوالد والأخ والصديق وفضلا عن ذلك الحليف السياسي النزيه.
رحم الله مولاي اعل ولد الداف واسكنه فسيح جنانه وتعازينا القلبية لكل أسرة أهل الداف الفاضلة ولجميع سكان تيرس زمور وخاصة صديقه وخليله شيخ المدينة السابق محمد ولد أفلواط