الآن وقد وصلنا مرحلة التفشي المجتمعي للجائحة حيث أصبح العدو الغاشم يجوس خلال الديار دون رقيب ولا حتى وكيل،
لنحذر سرعة الاستسلام والخضوع للعدو دون أدني حدّ من الصمود والمقاومة. لنجمع قوانا ونعبئ طاقاتنا ونشحذ هممنا مواصلةً للكفاح والنضال حتى نحدّ من انتشار المرض ونخفف من وطأته ونقلّص من الخسائر التي لا مناص من تكبدها كما حصل في معظم الأمم التي اكتسحها الفيروس التاجي قبل ان تتسلل فلوله الخبيثة الى مرابعنا. وكما استبسلنا في صدّ حملاته ومحاولات تغلغله المتكررة منذ البداية و افلحنا نسبيا في إبعاد خطر اجتياحه وتأخير ولوجه أرض وطننا الحبيب، سنتصدى له الآن وقد اخترق دفاعاتنا واقتحم حمانا واستباح دماءنا، مجالدين، ممانعين ومقاومين كل من موقعه غير مصافحين ولا معانقين فزمن التصفيق والتطبيل والنّفاق والمداراة للمتنفذ المتغلب المغتصب قد ولي الى غير رجعة، كما لم يعد هنالك مجال ولا موجب للمسيرات المؤيدة والاحتفاليات الكرنفالية الصاخبة لمناصرة المستبد الأحمق المطاع، بل سنمسك حتى عن التظاهرات الثقافية والمناسبات الاجتماعية وكل ما يستوجب التجمع والازدحام كي نحرمه من فرصة التعرف علينا وانتقاء فرائسه وضحاياه من بيننا مستهدفا ضعفهم او تقدمهم في السّن او معاناتهم من الأمراض المزمنة. ولكسر سلسلة انتقاله وإعاقة تقدمه وانتشاره، سنواظب على غسل اليدين جيدا بالماء والصابون ودلكهم بالمحلول الكحولي، عدوه اللدود والفتاك، كما سنكون حريصين كل الحرص على سدّ منافذ تطايره في الجو عبر رذاذ العطاس والسّعال والتنفس والكلام، بتغطية الانف والفم بالكمامات واللثام والنقاب، واحترام التباعد الجسدي، تاركين دائما مسافة لا تقل عن متر للفصل عن الآخرين، فالفيروس الانتهازي يسعى دوما الى مباغتتنا ونحن متجمعون متقاربون لكي يقضي علينا بأقل ثمن " مقرنا لنا برصاصة واحدة".
كما سنقض مضاجعه ونعمل على تجفيف اوكاره باتباع قواعد النظافة العامّة وإعمالها على مختلف الأصعدة فلن نرمي المناديل والمناشف الملوثة في الشوارع والممرّات والمرافق العمومية بل سنحكم تكفينه فيها ودفنه بعيدا عن متناول المشيعين، في اعماق اكياس القمامة المغلقة، حيث يجب أن يكون، واضعين حدّا لحياته بتحييده عن جسم مضيف يستأنف من خلاله ملاحمه البطولية ضد المجتمع البشري. ولن نترك بعد اليوم القمامة والنفايات الخطيرة تتكدس في شوارعنا وازقتنا مزكمة انوفنا وموفرة للفيروس مجالا خصبا وارضية صالحة يقضي فيها استراحة محارب متربصا ضعف ضحية جديدة يتخذها وسيلة نقل يتناثر من خلالها في محافل آهلة وفي غفلة من أمرها. وسنسهر على تنظيف ثيابنا ومنازلنا ومراكبنا ومكاتبنا ولن نتناول أي غذاء او نستعمل اي إناء قبل تطهيره، ولكيلا يصل الينا العدو، علينا دوما الاحتماء بالكِمامة واللثام في حضور الآخرين، والتحصّن بجدران البيوت حتى نتجنب الاختلاط بعضنا ببعض. ومن أجل تعزيز جبهاتنا الدّاخلية وقطع الطريق على انتشار الفيروس لن نألوا جهدا في تطبيق حظر التجوال بين المدن والتبليغ الفوري عن المتسللين. وفي سبيل القضاء على الفيروس طبيعيا علينا الاجتهاد في دعم وتحفيز قدراتنا المناعية عبر تغذية متوازنة وغنية بالفيتامينات والمكملات الغذائية مبالغين في شرب الماء وممارسة التمارين الرياضية والخلود للنوم الهادئ راحة للأبدان، والاستمتاع بالأنشطة الترفيهية صونا للجسم والعقل، والامتناع عن التدخين والابتعاد عن أسباب القلق والاكتئاب. سنشرع إن شاء الله في تنفيذ هذا المخطط وتطبيقه على أنفسنا ونلزم الكل به دونما تمييز ولن نسمح لأي كان بالتقاعس عن الجهاد او التخاذل عن القضية. بل سنأخذ كل مقصر او متقاصر عن هذه الجهود الجماعية بالخيانة العظمى للوطن.
ونحن مطالبون دعما لمجابهة الفيروس، ببذل جهود مضنية للتعرف على مدى انتشاره في عموم التراب الوطني وإعداد خرائط وبائية توضح بؤر الإصابة حتى يسهل عزلها ومحاصرة الفيروس والتضييق عليه من أجل شلّ حركته ومحاولة احتواء الاضرار الناجمة عنه محليا. ومن هذا المنطلق نستوعب ضرورة التكثيف من تحاليل الكشف المخبري عن الفيروس وعن الأجسام المضادة الدّالة على مروره بجسم المصاب وذلك بالاختبارات المصلية السريعة. ونظرا لانعدام ادوية فعالة او لقاح محصن من كوفيدـ19 وبما ان التقديرات الأكثر تفاؤلا تمنح البحوث مدة تتراوح بين ستة اشهر وعام لتطوير لقاح والتحقق منه وترخيصه من قبل السلطات الطبية الوطنية والعالمية، وإنتاجه بكميات كبيرة، فإن الاختبارات الموثوقة في الشهور المقبلة هي الإجراء المعقول على الأقل لتخفيف وتيرة انتشار الفيروس وتبقي الاختبارات السريعة اسهل وسيلة للكشف عن مصابين ووضعهم في الحجر الصحي.
حفظنا الله جميعا من البلاء
الدكتور القاسم ولد المختار
نواذيبو 10/06/2020