الحقيقة الموثقة لثلاثة ملفات متعلقة باسنيم

اثنين, 2020/08/03 - 8:43م

لا شك أن إنشاء لجنة التحقيق البرلمانية كان عملا جبارا غير مسبوق في تاريخ موريتانيا. ولا شك أن وقوف رئيس الجمهورية، محمد ولد الشيخ الغزواني، موقف المحايد الموضوعي، الراعي للقانون، والحامي لحقوق الأجيال، عزز من فكرة التحول الجذري نحو بناء دولة القانون والمؤسسات التي تحترم شعبها وثروتها وسمعتها. ولعل تثمين السياسيين من مختلف المشارب، والمثقفين والإعلاميين والرأي العام الوطني عموما، يبرهن أن الدولة تسير، لأول مرة، على السكة الصحيحة، وأنها بدأت تدشن قطيعة فعلية مع الماضي بكل مساوئه (سواء تعلقت بالحكامة غير الرشيدة، أو سوء التسيير، أو اختلاس المال العام، أو احتقار الطيف السياسي غير الموالي، أو الدوس على حقوق الانسان).

تلك أمور لا مراء فيها، إلا أن الحديث المتشعب، في الصحافة وفي شبكات التواصل الاجتماعي وفي الصالونات، حول علاقة اسنيم بما يوصف بـ"عمليات فساد سافر"، لاحظنا، بعد التحقيق، أنه غير دقيق على مستوى ثلاث ملفات، هي: تبليط رئاسة الجمهورية، وتبليط شارع جمال عبد الناصر، وبناء خزان ماء ومسبح في منتزه للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.

لست أسعى للدفاع عن اسنيم في بقية الملفات التي ذكرتها لجنة التحقيق البرلمانية، وإنما أعني الملفات الثلاثة التي ذكرت أعلاه.

معروف أن تقرير اللجنة البرلمانية يندرج في إطار صلاحيات البرلمان في رقابة النشاط الحكومي وفق المادة 72 من دستور موريتانيا. وهو أمر جيد يشي بالتعافي السياسي والقانوني والسير على جادة الصواب للمرة الأولى.

 

ما علاقة سنيم بالموضوع؟ 

لا شك أن شركة  ATTM التابعة لشركة اسنيم تولت بحكم عقد موقع، تنفيذ أشغال تبليط رئاسة الجمهورية وشارع جمال عبد الناصر، وخزان مياه ومسبح (بيسين) في منتزه خصوصي يملكه الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز. وربما اتهمت اللجنة البرلمانية شركة اسنيم في ملفات أخرى لم نجد بعد أية تفاصيل عنها. لكن إقحام الشركة في ملف الفساد، انطلاقا من أشغال تبليط الرئاسة وشارع جمال ومنتزه ولد عبد العزيز،لم يكن مبررا بالنظر إلى العقود المرفقة   التي تؤكد  أن الإداري المدير العام حينذاك للشركة كان السيد الطالب ولد عبدي فال، كما سنرى.

وإنه لمن المهم أن نذكر هنا تسرب خطأ قانوني يكمن في اتهام اسنيم وخيريتها بأنهما دفعتا أموالهما في أشغال شابتها الخرقات وعدم الشفافية. والحقيقة أن كل الأشغال التي نفذتها الشركة وخيريتها، بخصوص الملفات الثلاثة المذكورة، لا غير، كانت على حساب الدولة الموريتانية. بمعنى أن الاتفاق ينص على أن تكاليف الأشغال، سواء في تبليط الرئاسة وشارع عبد الناصر أو في منتزه ولد عبد العزيز عند الكلم 70 على طريق نواكشوط-اكجوجت، تتحملها ميزانية الدولة، وأن اسنيم، كما في العادة، تقتطع التمويل من الدفعات التي تستحقها عليها الدولة، ضمن الضرائب أو الربحات، كما هو الحال في إعادة تأهيل طريق ازويرات - افديرك التي أنجزت في عهد الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال و كانت شركة سنيم حينها تدار من طرف يوسف ولد عبد الجليل وطريق لكصيبه ومونكل وغيرهما، ولم تزد اسنيم، في هذا الصدد، على أنها كلفت خيريتها بالإشراف على الأشغال باسمها كرب عمل منتدب من الدولة. فيما تمت مراقبة الأشغال من قبل مصالح وزارة الإسكان. وبالتالي، لا اسنيم ولا خيريتها صرفت أي منهما أوقية واحدة في هذه الأشغال التي كلف مبلغها الإجمالي 2.9 مليار أوقية صرفت منها 180 مليون أوقية في منتزه الرئيس السابق (خزان المياه والبُركة أو المسبح).

استنطاق العقود 

وإذا ما استنطقنا النصوص، بشكل خاطف، نجد أن واحدا منها نص على أن العقد موقع، شهر يونيو سنة 2010، بين الدولة ممثلة من قبل وزير الإسكان والإصلاح الترابي السيد إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا

ووزير المالية السيد احمد ولد مولاي أحمد من جهة، والمدير العام للشركة الوطنية للصناعة والمناجم السيد الطالب ولد عبدي فال من جهة أخرى. وذلك من أجل القيام بأشغال تبليط رئاسة الجمهورية وشارع جمال عبد الناصر.

 

ونص العقد على أن اسنيم تمنح مقدما ماليا للدولة من التمويل الكلي للأشغال. هذا المقدم سيعاد من مقتطعات الشركة للدولة في الفترة الخاصة بسنة 2010. وأن الدولة الموريتانية أوكلت لاسنيم عملية اقتناء التجهيزات وتنفيذ كل الأشغال المتعلقة بهذا العمل.

وقد تم الاتفاق على ما يلي:

المادة 1 : الهدف

هذه الاتفاقية تهدف إلى تحديد ظروف تنفيذ المنفذ المنتدب (اسنيم) لتبليط رئاسة الجمهورية وشارع جمال عبد الناصر طبقا للملف الفني الملحق.

المادة 2 : الانتداب والتحكم في العمل

يوكل المشرف للمشرف المنتدب القيام بالعمل باسمه ولحسابه كي يبرمج وينفذ الأشغال طبقا للشروط المنصوصة في الاتفاقية.

المادة 3 : 

يلتزم المشرف المنتدب بتنفيذ العمل وفق القواعد الفنية من خلال شركتي ATTM و GMM التابعتين له.

المادة 4 :

مبلغ تمويل المشروع

التمويل، بما فيه كل الرسوم، يبلغ مليار وأربعمائة مليون أوقية (1.400.000.000)

المادة 5 :

يلتزم المشرف المنتدب بإنهاء الأشغال في يوم 31/10/2010 كآخر أجل.

المادة 6 : طريقة الدفع:

يقوم المشرف المنتدب لحساب المشرف بدفع الفواتير المتعلقة بالعقد الخاص بأعمال التبليط.

إذن لم تتحمل شركة اسنيم أي تمويل بخصوص الملفات الثلاثة المذكورة، وإنما أشرفت على الأشغال وسددت فواتيرها، باتفاق مع الدولة، من المبلغ الذي تسدده عادة للخزينة الموريتانية.

كما نجد ملحقا آخر موقعا بين الدولة الموريتانية، ممثلة في وزير الإسكان إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا ووزير المالية أحمد ولد مولاي أحمد، من جهة، والشركة الوطنية للصناعة والمناجم ممثلة من قبل الإداري المدير العام الطالب ولد عبدي فال من جهة أخرى. وذلك بهدف تنفيذ المشرف المنتدب (اسنيم) لتبليط رئاسة الجمهورية وشارع جمال عبد الناصر وتوفير وتركيب كميرات مراقبة في الرئاسة.

وحسب المادة 4 من هذه الإتفاقية فإن المبلغ يصل مليار وتسعمائة مليون أوقية (1.900.000.000).

فضلا عن ذلك، نجد مرفقا إضافيا للإتفاقية بين الشركة الوطنية للصناعة والمناجم اسنيم، ممثلة من قبل الإداري المدير العام الطالب ولد عبدي فال من جهة، وهيئة اسنيم (خيرية اسنيم) ممثلة من قبل مديرها العام اباه ولد اكاه تم بموجبه الاتفاق على إدخال شبكة مياه شروبة وإنشاء بركة (بيسين) عند الكلم 70 (طريق اكجوجت) لصالح رئاسة الجمهورية، وبناء عنبر لإيواء السيارات لرئاسة الجمهورية أيضا. ويصل المبلغ الإجمالي مليارين و861 مليون أوقية.

ويفهم من العقود التي نشرنا هنا، ومن ملحقاتها المرفقة، أن شركة اسنيم لم تبدد أموالها في هذه الأشغال وإنما طلبت منها الدولة تنفيذها والإشراف عليها وتسديد فواتيرها من المبلغ المخصص أصلا للدولة الموريتانية من ضرائب وربحات اسنيم.

الأمر الوحيد الذي يشكل إحراجا حقيقيا لشركة اسنيم، والوزارتين المذكورتين في التقرير، هو الإشراف على أشغال خصوصية، كمنتزه ولد عبد العزيز، فتلك، لا شك، مسألة غير مقبولة بالنسبة لإدارات تابعة للدولة. فلا يعقل، في عصرنا هذا، أن تقوم شركة أو إدارة أو وزارة بتمويل وبناء منشأة خصوصية بأموال دافع الضرائب الموريتاني أو بأموال تحصلت من ثرواته وحساباته العمومية.

ازويرات ميديا

نص الإتفاقية الأصلية
الملحق الأول المتعلق بالإتفاقية
الملحق الثاني الخاص  بالإتفاقية
الملحق الثالث الموقع بين سنيم وخيراتها الخاص. بالإتفاقية