برز مكتب اتحادية المنقبين في ولاية تيرس زمور، كأول هيئة منظمة للتنقيب على مستوى الولاية مع بدايات عمليات التنقيب.
ورغم ظهور عدة هيئات أخرى مماثلة في نفس الحيز الجغرافي، فقد ظل المكتب الهيأة الأكثر تأثيرا في مناط التنقيب، والأكثر تعاط مع سكان الولاية، والأدق تنظيما.
وهكذ، كلما أرادت السلطات المحلية و الوطنية أو الشركة المسؤولة عن تسيير التنقيب الأهلي، نقاش موضوع ذي صلة بمجال التنقيب أو المنقبين، تبرز هيئات عديدة للتنقيب، تحمل تراخيص أعدت في لحظة ولادة قيصرية، أو أخرى انشطارية، لكن أصواتها سرعان ما تخبو على وقع العمل الجاد، الذي يتطلب التضحية، فتتوارى شيئا فشيئا، وكأنها لم تكن موجودة أصلا على أرض الواقع، تاركة مجال العمل الجاد، لمن تعودوا فعل الخير، بما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
ولعل الإجتماع الأخير، الذي دعا والي تيرس زمور السيد محمد المختار ولد عبدي هيئات التنقيب في ولاية تيرس زمور للمشاركة فيه من أجل المساعدة في المجهود الوطني الهادف إلى تلقيح المواطنين في الولاية وتحصين المنقبين المنتشرين عبر مقالع تيرس زمور القادمين من مناطق شتى ضد فيروس فتاك، إلا مثالا واحدا، ضمن حالات أخرى سجلت في هذا المنحى.
فقد دعا والي تيرس زمور لإجتماع، مساء أول أمس، لتعبئة هيئات التنقيب على المشاركة الفعالة في الحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا، التي تشهدها الولاية حاليا، وخاصة على مستوى مناطق التنقيب عن الذهب في تيرس زمور، شارك فيه مكتب اتحادية المنقبين عن الذهب في ولاية تيرس زمور، الى جانب مكتبين من المكاتب الممثله للمنقبين في الولايه، وطالبت السلطات هيئات التنقيب الثلاث العاملة في الولاية بتوفير ثلاث سيارات عابرة للصحراء على حساب الهيئات الثلاث، مع محروقاتها اللازمة ومؤنها لفترة 7 أيام، ستخصص لنقل فرق التلقيح إلى مواقع التنقيب في تيرس زمور.
ولأن الأمر يتعلق بصحة المنقب أولا، ثم بمجهود وطني يتطلب مشاركة الجميع فيه، لبى مكتب اتحادية المنقبين فورا الطلب، والتزم بتوفير السيارة المطلوبة، وحذا حذوه احد المكاتب الذي تكفل هو الآخر بالسيارة المطلوبة منه، فيما اعتذر المكتب الثالث بحجة عدم توفره على الإمكانيات.
وتفاديا لأي تأثير سلبي، يمكن أن يلحق بالدور المطلوب من هيئات التنقيب، التزم مكتب اتحادية المنقبين فورا، بتأجير السيارة الثانية، التي لم يستطع المكتب الثالث توفيرها للحملة.
بعد انتهاء الإجتماع اعتذر المكتب الآخر عن تنفيذ التزامه، عبر مجموعة وات سابية للمنقبين، أنشأتها السلطات الإدارية من أجل التواصل معهم، متعللا بالظروف المادية.
وعلى إثر ذلك، طلبت السلطات من مكتب اتحادية المنقبين توفير السيارات الثلاث، وهو ما قبله المكتب بكل أريحية، فهو الذي ظل منذ إنشائه، يلعب دورا مميزا في الدفاع عن مصلحة المنقبين المادية، والمعنوية والصحية، والذود عنهم في المنابر، والإجتماعات الرسمية، فضلا عن دوره كشريك للسلطات العمومية في كل ما يمكن أن يطور القطاع، مهما تعددت العناوين، دون آبه بالمثبطات.
يحسب لمكتب اتحادية المنقبين في تيرس زمور، أن يكون أول هيئة نقابية طالبت بافتتاح اكليب اندور، ورمى بثقله من أجل تحقيق هذا الهدف، الذي كان في وقتها نوعا من الخيال، حيث كانت المنطقة، عسكرية مغلقة، لا يمكن دخولها دون إذن خاص، إلا أن إرادة المكتب، وقوة عزيمته، مكنتا من تحقيق هذا الحلم، الذي مثل الإنطلاقة الفعلية لعمليات التنقيب الأهلي في تيرس زمور، وساهم مساهمة فاعلة في تنظيم القطاع، عبر توزيع البادجات، والتنسيق مع الجهات الأمنية، في كل ما يمكن أن يضمن سيرا طبيعيا لنشاط التنقيب، من أجل تشجيع السلطات على المضي قدما، في فتح المناطق الأخرى أمام المنقبين، فضلا عن توفير نقطة صحية في اكليب اندور، معززة بطبيب على حساب المكتب، وتزويدها بكميات متنوعة من الأدوية، وتجهيز سيارات عابرة للصحراء، لنقل المرضى إلى ازويرات وضحايا الحوادث، فيما ظل المكتب بالتعاون مع السلطات الإدارية، ينظم من حين لآخر قوافل السقاية إلى المنقبين، في مواقع تواجدهم، وسط ظروف اتسمت بارتفاع مذهل في درجات الحرارة.
ونظرا لتأثير جائحة كورنا على المستوى الإقتصادي لسكان الولاية، فقد برز مكتب اتحادية المنقبين في تيرس زمور كذراع اجتماعي، للمساعدة على التخفيف من تأثير جائحة الكورونا على سكان الولاية. وهكذا خصص مكتب الإتحادية 40 مليون لفتح 9 حوانيت، توفر المواد الغذائية الضرورية لسكان الولاية بأسعار مخفضة، وتشمل السكر والأرز والمعجونات، والتمور ومسحوق الفارين ومواد النظافة، والزيوت واللبن المجفف، فيما وزع بشكل مجاني سلالا غذائية على 1000 أسرة في الولاية، في إطار الشراكة بين الإدارة والمجتمع المدني، إسهاما في الجهود الوطنية لمنع انتشار فيروس كورونا، وتخفيفا للتأثيرات السلبية للإجراءات الإحترازية، التي اتخذتها الدولة لحماية المواطن من الوباء.
وشاركت اتحادية المنقبين في تيرس زمور، بشكل فعال، في فتح منطقة الشكات، التي كان افتتاحها حلما لكل منقب، فضلا عن إدارة برامج تلفزيونية وطنية، لتسليط الضوء على وضعية المنقبين، وإقناع الرأي العام، والسلطات الموريتانية، بأهمية نشاط التتقيب الأهلي، هذا فضلا عن المشاركة في كل ما يخدم القطاع والمنقبين.
ومن بين الأنشطة الأخيرة التي شاركت فيها الإتحادية بفعالية، تحت يافطة لجنة إنقاذ التعدين الأهلي، النشاطات الإحتجاجية المنظمة دعما للمنقبين، احتجاجا على التداخل في بعض المناطق الخاصة بالتنقيب الصناعي، وأخرى خاصة بالتعدين الأهلي.
وخلاصة القول، أن مكتب اتحادية المنقبين سيبقى دوما، وكما كان، طودا شامخا في مناطق التنقيب، يدافع عن المنقبين باستماتة، في ظل التنسيق مع السلطات، بما يخدم تطور القطاع، ولن تستطيع كافة المستجدات الشكلية طمس مساره، لأن مساره يأبى الإضمحلال.
محمد فال ولد أحمد
متابع لشؤون التنقيب