المضمر والمعلن بين من رحل لمشروع 600 وحدة سكنية ومن لم يرحل

بعد سنوات من انتهاء العمل في تشييد 600 وحدة سكنية، شمالي غرب مدينة ازويرات، ورفض موظفي الدولة وعمال الشركة الوطنية للصناعة والمناجم "سنيم" شراء أي منزل منها، ولو بالتقسيط، بفعل الإرتفاع الكبير الذي عرفته أسعارها، وما عقب ذلك من تفاهم بين الدولة والشركة، بموجبه تولت الأخيرة حيازة ال 300 وحدة سكنية الخاصة بموظفي الدولة، نجحت الشركة المنجمية في التوصل إلى حل ينقذ الحي الجديد من التلف والضياع، ويعطي للعمال فرصا للتملك العقاري بطريقة ميسرة، من خلال دفع أقساط شهرية، لا يتجاوز الواحد منها علاوة السكن التي يستحقها العامل إذا لم يوفر له سكنا عماليا، وفوق هذا وذاك، فإن المبلغ الذي ينتظر أن يدفعه العامل من أجل أن يمتلك المنزل، أقل بكثير من كلفة تشييده.
    أنشأت سنيم شركة متفرعة عنها كلفتها بتسيير المشروع، ففتحت فرص توزيع الوحدات السكنية على العمال، حسب ضوابط معينة من أهمها، الأقدمية والرتبة. وتوزع العمال ما بين راغب في الحصول على منزل من منازل الحي، وما بين رافض له، ومجموعة ثالثة لم تسعفها الشروط المطلوبة للحصول على منزل رغم رغبتها المعلنة.
انتقلت عشرات الأسر من الأحياء العمالية، في قلب المدينة، إلى الحي الجديد في ضواحيها، لكن التواصل ظل قائما بين الأسر التي انتقلت إلى حي 600 وحدة سكنية، وتلك التي ظلت قاطنة في الأحياء العمالية، وكل طرف يحاول علانية أن يظهر للطرف الآخر بأنه الرابح، في حين تحدث كل واحد منهما نفسه بأنه الطرف الخاسر.
  وهكذا كلما التقى الطرفان في أحاديث ودية يحاول كل منهما اللعب على نفسية الطرف الثاني، فيتبجح الأول علانية على الطرف الثاني بحصوله على فرصة العمر، متمثلة في مسكن لائق يمكن أن يؤويه وأسرته بعد تقاعده، فيما يرد الطرف الثاني بأنه غير مهتم بمثل هذه المشاريع السكنية وأنه حتى إذا منح إحدى الوحدات السكنية المشكلة للمشروع بشكل مجاني قد لايرضاها لنفسه لأنه  يفضل تشييد مشروعه السكني بنفسه حسب مبتغاه، لكن الطرفان سرعان ما يتراجعان عن موقفهما بعد افتراقهما فتحدث الثاني نفسه بحرقة عن خسارته فرصة الحصول على سكن جاهز لائق متناسق دون تعب، يضمن له حياة هادئة بعد التقاعد، فتحدث الأول نفسه عن خسارته باختيار حي بعيد عن مركز المدينة والنشاط، حول حياتهم إلى ما يشبه الحياة في البادية حيث لا حركة مرور ولانقاط تجارية قريبة.