رغم عدم وجود علاقة عمل مباشرة بك، أخي أبو المعالي، ورغم غياب أية صداقة، حميمة أو لصيقة، تربطني بك، ولا حتى معرفة مسبقة، إلا أن عملك مديرا عاما لقناة الموريتانية، كان، كما كنتُ، شاهدا على تطور سريع وفائق على كل المستويات: إنتاجا، وإخراجا، ومضمونا، والتزاما، وجدية. صحيح أن كثيرا من رواد الفيس، بدافع المواقف المنحازة، لا يقبلون الاعتراف بأي إنجاز لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني منذ وصوله للسلطة قبل أربع سنوات، رغم تنوع بصماته وتعددها وأهميتها، وهي، لعمري، نفس العين التي يرون بها عملك أنت خلال فترة تسييرك للقناة. إنهم أمّة عَمِيّت عن الحقيقة، فهي لا ترى من الكأس إلا ربعها الفارغ، ولا تبحث عن سبب موضوعي لذلك الفراغ. تلك هي طبيعتها. إنهم لا يتذكرون، ولن يتذكروا صور قناة الموريتانية التي كانت أكبر مجلبة للنعاس، وهي تغزو أحداقنا برداءة الـ SD، قبل أن تحولها أنت، سيادة المدير السابق، إلى صور ذات جودة عالية ونقاء زلال بصيغة الـ HD. إنهم لا يتذكرون، ولن يتذكروا صوت قناة الموريتانية المبحوح المتذبذب بين الارتفاع والانخفاض الفوضوي، قبل أن تحوله أنت إلى صوت صاف وواضح ومسموع إثر سهرك على الإصلاح الشكلي والجوهري لتلفزة باتت تمثل شعبا بأسره. لا يتذكرون، ولن يتذكروا أيام وصولك إلى إدارة التلفزة حين كانت لا تملك غير مكتب جهوي واحد ووحيد في مدينة نواذيبو، ومراسل واحد ووحيد في مدينة ازويرات، قبل أن تقوم أنت بفتح مكاتب لها على عموم التراب الوطني لتقريب الخدمة من المواطنين. لا يتذكرون، ولن يتذكروا ما كانت عليه وضعية العمال المزرية قبل تعيينك مديرا، وما أصبحت عليه في ظل إدارتك الجادة في أدب والمصلحة في صمت. لا يتذكرون ولن يتذكروا مباني العنكبوت الوسخة التي حولتها أنت، بعد مقدمك، إلى استديوهات جميلة ومكيفة ومتطورة وحديثة. لن يتذكروا أي شيء من هذا لأنهم تعودوا التناسي بفعل سوء الطوية والسعي الدؤوب إلى الإضرار بسمعة المصلحين، خاصة منهم أولئك العاملون في صمت لأنهم، في البدء، جاءوا لخدمة وطنهم، وليس لخدمة صورتهم. مهما يكن، فوداعا وكلي تمنيات لك بالتوفيق في مشاوير أخرى، كما أتمنى للمديرة الجديدة، السيدة السنية بنت سيدي هيبه، الكثير من التألق والنجاح الذي لا شك أنها جديرة به.
سيد أحمد ولد بوبكر سيره