خلال هذا الجزء من المقابلة التي أجرتها ازويرات ميديا مع العمدة الأسبق لبلدية ازويرات السيد يعقوب ولد سالم فال وأحد الأطر الذي خدموا طويلا في مجال الطاقة يتحدث بإسهاب عن مشكلة الطاقة في ازويرات والحلول المنتظرة لها
ازويرات ميديا : إسمحوا لي أن أتناول جانبا آخر من شخصيتكم المهنية فأنتم أحد الأطر البارزين الذين قضوا أغلبية حياتهم المهنية في محطة كلب الغين الكهربائية التابعة لاسنيم، بل وأشرفتم على مشروع ترميم مولدين كهربائيين من مولداتها ، فإلى ماذا ترجعون سبب الإنقطاعات الكهربائية التي تشهدها مدينة ازويرات هذه الأيام؟
يعقوب ولد سالم فال : أنا حقيقة لم أعد اعمل في محطة كلب الغين الكهربائية منذ 2021/07 ، ومع ذلك فقد صدقتم إذ كنت قد التحقت بشركة سنيم في سنة 1987 وعملت في المحطة الكهربائية بكلب الغين إلى غاية أكتوبر 2009 أي أنني عملت فيها لمدة أكثر من 22 سنة قبل أن يتم فصلي تعسفيا من طرف النظام السابق ، على خلفية حيثيات انقلاب أغسطس 2008، بعدما اتخذنا قرارا سياسيا داخل أحزاب المعارضة، يمنع تعاملنا مع الإنقلابيين، وكنت ضحية له، إذ فصلت ظلما وعدوانا من شركة سنيم بعد اكثر من 22 سنة من خدمتها . حيث التحقت بها في سنة 1987 برتبة M4 حاملا شهادة فني عالي BTS وارتيقيت في السلم الوظيفي لها، إلى أن وصلت حاليا لإطار من الدرجة الرابعة C4. وفي ما يتعلق بسؤالكم فقد التحقت بالمحطة 1987 وبها 4 مولدات كهربائية من المولد رقم 1 إلى المولد رقم 4 ، ثم بإشراف من مديرنا انذاك المهندس المخضرم الخليفة ولد بياه و بالتعاون مع مصنع المولدات و بعض الزملاء أشرفنا على تركيب المولد رقم 5 اولا ثم المولد رقم 6 فيما بعد ، كما كنت ضمن الفريق الذي أشرف على مشروع المولدات التي اقتنتها سنيم 2008 بطاقة 40 ميكاوات، إذن كنت عنصرا مباشرا لكثير من الأعمال المتعلقة بالمحطة . ومن هذا الموقع يمكنني أن أؤكد لك تعرض المولدين رقم 7 و 8 لحريق نهاية 2016 ، وعلى إثر ذلك، كلفتني شركة سنيم بقيادة مشروع إعادة تأهيلهما بالتعاون مع الشركة المصنعة لهم MAN، وبدأت العمل في تنفيذ هذه المهمة في مايو 2017 إلى شهر سبتمبر 2018، قبل أن يتم طردي بعد الشوط الثاني من الإنتخابات على خلفية موقفي السياسي المتمثل في رفضي التصويت لمرشح النظام في الشوط الثاني للنيابيات والبلديات 2018 . لقد كان الإقتراع يوم 15 سبتمبر 2018 ، وفي يوم 16 سبتمبر أي اليوم الموالي للإقتراع، استدعاني المدير المباشر، وطلب مني تسليم المشروع فورا لأحد زملائي بأوامر من الإداري المدير العام انذاك ، وأمرني بمغادرة ازويرات اليوم الموالي عبر رحلة الموريتانية للطيران إلى انواذيبو، و لكن لم انفذ تلك الأوامر في وقتها ، حيث غادرت ازويرات يوم الثلاثاء عبر القطار، بعدما سلمت المشروع يوم الإثنين. وكان هذا الإجراء من الأسباب التي منعتني من استكمال المشروع. وفي ما يتعلق بأزمة الطاقة، أريد أن أقول إن هذا الموضوع حساس وأن مدينة ازويرات أصبحت مدينة كبيرة وتضاعفت حاجياتها من الطاقة بشكل مذهل، إذ كانت تستهلك في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات 4 ميكاوات إلى 5 ميكاوات، واليوم، أصبحت تستهلك 15 ميكاوات تقريبا، بعد أن توسعت المدينة وتعددت الأنشطة فيها، بما في ذلك نشاط التنقيب الأهلي، وكان من المتوقع أن تزود مدينة ازويرات بالطاقة الكهربائية عبر خط الجهد العالي 225 كيلوفلت Kv القادم من انواكشوط الذي كان من المفترض آن تنتهي الاشغال فيه نهاية 2021 ، لكن للأسف حتى الآن لم يكتمل، وهذا من ضمن الأسباب التي خلقت أزمة الطاقة في ازويرات، حيث كان من المنتظر أن يزود المدينة بالكهرباء، هذا إضافة إلى مشروع آخر يتمثل في محطة شمسية بطاقة 20 ميكاوات، ممول من بعض رجال الأعمال. وفي نفس الفترة كانت لدى سنيم فكرة بتحويل محطة كهربائية على شاطئ البحر في انواكشوط إلى مدينة ازويرات، لكن كل ذلك لم يتحقق، كما كان لدى سنيم مشروع انشاء محطة كهربائية حرارية قوتها 50 ميكاوات في 2015، وكنت من المشرفين على هذا المشروع، حيث جئت نفس السنة من انواذيبو إلى ازويرات لتحديد موقع المحطة مع مجموعة من الخبراء ودراسة الأرضية، لكن هذا المشروع لم ير النور للأسف لأسباب أجهلها. و في المحصلة ازداد الطلب بفعل توسع المدينة وإنطلاق مشروع مصنع كلب الغين رقم 2 وتوسعة منشآت المناولة في To14. ورغم أن المحطة تعمل فيها مجموعة من الكفاءات الوطنية العالية، إلا أن مولداتها أصبحت متهالكة نسبيا، واقتربت من نهاية عمرها الافتراضي، ولم تقم الشركة بخطوة لمعالجة هذه الوضعية إلى غاية سنة 2021، عندما تم تعيين الإداري المدير العام الحالي للشركة السيد محمد فال ولد اتلميدي الذي اتخذ قرارا تاريخيا بإنشاء محطتين كهربائيتين، الأولى تعمل بالطاقة الشمسية، بسعة 12 ميكاوات، والثانية تعمل بالطاقة الحرارية بسعة 30 ميكاوات، وهما مشروعان كلفا سنيم حوالي 50 مليون دولار. إذن هو قرار شجاع وفي محله، لكن إنشاء المحطات الكهربائية يستغرق وقتا، فالمحطة الكهربائية الحرارية يتطلب إنجازها عاما ونصف، فيما يتطلب إنجاز المحطة الشمسية 10 أشهر إلى سنة تقريبا. والعمل جار على تنفيذ المشروعين لكنه يتطلب بعض الوقت. والمحطة الكهربائية على العموم تتغير وضعيتها في كل فترة، حسب تجربتنا، فتارة تتعرض لبعض المشاكل، وتارة أخرى تعمل بشكل طبيعي. وهذه سنة الحياة، مرة تكون الطاقة متوفرة بشكل طبيعي، وتارة أخرى تتعرض المحطة لعطب، أو لأعمال الصيانة، ينضاف هذا إلى عامل آخر خارج عن الإرادة، يتمثل في طبيعة مناخ ازويرات، التي ترتفع فيها درجات الحرارة بشكل كبير خلال فترة الصيف، ما يؤثر على المولدات الكهربائية. أعطيك مثالا فالمولد الكهربائي الذي ينتج 10 ميكاوات، يعطيك خلال فترة الشتاء من 9 إلى 10 ميكاوات، لكنه خلال الصيف لا ينتج إلا 5 إلى7 مكاوات احيانا من طاقته الإعتيادية، نظرا لإرتفاع درجات الحرارة التي تصل الي 50 درج حرارية . إذن ما يجب فعله أن تكون بحوزتنا مولدات كهربائية إضافية تعوض ما نفقده من الطاقة خلال فترة الصيف، إلا أن ذلك المطلوب من المولدات ليس متوفر دائما. ونواجه مشكلة كبيرة خلال فترة الصيف تتعلق بأجهزة التبريد الهوائية المسؤولة عن تبريد الزيوت و المياه و الهواء في المولدات، فعندما تصل درجات الحرارة 50 درجة، ترتفع حرارة جميع وسائل تبريد المولدات، كغيرها من المعدات والآليات الأخرى المنجمية ، التي تتأثر بارتفاع درجات الحرارة، كالشاحنات المنجمية. إذن هذه بعض المشاكل المتسببة في الوضعية الراهنة وسيتم التغلب عليها، آن شاء الله.
ازويرات ميديا : ما هي الجهود التي تبذل سنيم حاليا من وجهة نظركم لسد هذا النقص؟
يعقوب ولد سالم فال : ليست في الطاقم الذي يسير تلك الجهود، و لكن المعلومات التي بحوزتي في انتظار اكتمال العمل في المحطتين الكهربائيتين الجديدتين، الحرارية قيد الإنشاء التي يتوقع أن ينتهي بها العمل دجمبر 2024، والمحطة الشمسية التي يتوقع أن يكتمل العمل فيها نفمبر أو دجمبر من هذه السنة 2023، قررت سنيم استئجار 10 ميكاوات من لدن شركة مختصة خارجية، تم إبرام اتفاق معها، ومن المتوقع أن تصل المولدات المستأجرة خلال اخر السنة وستساعد في حل أزمة الطاقة. هذا المجهود كبير، وهو سابقة من نوعها، فشركة سنيم لم تستئجر الطاقة في تاريخها ، ولكن نظرا لتأخر هذه المشاريع، وتأخر تنفيذ مشروع الخط العلوي 225 كيلو فلت و زيادة الطلب على الطاقة، كان لابد من خطوة استثنائية من أجل تلبية مطالب المواطنين على مستوى مدينة ازويرات و يجب تثمينها عاليا .
ازويرات ميديا : تعاقب على إدارة شركة سنيم خلال فترة عملكم عدة مديرين عامين، ما تقييمكم لأداء الإداري المدير العام الحالي السيد محمد فال ولد اتلميدي؟
يعقوب ولد سالم فال : الجواب على هذا السؤال صعب، فالإداري المدير العام الحالي محمد فال ولد اتلميدي مهندس، وإطار مقتدر بدأ عمله في شركة اسنيم سنة 1992، يعرف الشركة حق المعرفة ، لكن المقارنة بين المديرين الذين تعاقبوا على إدارة الشركة غير منصف، بفعل اختلاف المدة الزمنية التي أداروا خلالها الشركة، والظروف التي استلموا فيها إدارتها، ومع ذلك فقد حاولت هذه المقارنة مع مجموعة من الزملاء، فاكتشفنا أن الأرباح التي حققها احد المدراء العامين خلال 20 سنة، حققها اداري آخر خلال 5 سنوات، نظرا لسعر الحديد، فقد كان ثمنه في فترة الأول ما بين 15 الي 20 دولار للطن، بينما خلال فترة الثاني وصل سعره 150 إلى 190 دولار للطن. وهذا له تأثير مباشر على استثمارات الشركة وتدخلاتها الإجتماعية، ومع ذلك فإن الإداري المدير العام الحالي لشركة اسنيم رجل متميز يعرف الشركة حق المعرفة، وله تجربة لا تقل عن 30 سنة فيها حيث قام ببعض الإصلاحات المهمة في مجال العمل الإجتماعي قام بمجهود كبير لا خلاف عليه، ملموس من طرف الجميع، ولا يمكننا إلا أن نطلب مواصلته في هذا المجال، ونشكره على ما حققه. أما من حيث الإستثمار فقد سعي لتنفيذ مشاريع حيوية هامة مثل مشروع الطاقة الذي تحدثنا عنه قبل قليل، والإقدام على الإستثمار فيه أعتبره شجاعة منقطعة النظير،و مشروع العوج، الذي ظل يترنح منذ زمن، حيث وضع حجر أساسه يناير 2007 من طرف رئيس الجمهورية الأسبق في تلك الفترة ، لكنه لم يتقدم ، وأعتقد آن هناك بوادر لإنطلاقته بشكل فعلي،بالإضافة إلى مشروع افديرك القديم الجديد، الذي سيوضع حجره الأساس خلال الأشهر القادمة، وسيشكل قيمة إضافية لإنتاج الشركة من جهة، وديمومتها من جهة أخرى. وهذه المشاريع من الإنجازات التي تحسب للمدير الحالي.