أشرف فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، اليوم الأحد، في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى ال 63 لعيد الاستقلال الوطني، على وضع حجر الأساس لمشروع تطوير منجم أفديرك.
وسيمكن هذا المشروع من زيادة إنتاج الشركة الوطنية للصناعة والمناجم (سنيم) بمليوني طن من خامات الحديد سنويا، وتنويع مصادر استغلال المعدن الخام، وتعزيز موقع الشركة بين منتجي خامات الحديد.
وتبلغ الكلفة الإجمالية لهذا المشروع، الذي من المتوقع أن تنتهي الأشغال فيه خلال 24 شهرا، 8ر186 مليون دولار، وهو ما يعادل حوالي 73 مليار أوقية قديمة، بتمويل من الشركة الوطنية للصناعة والمناجم (سنيم).
وسيتم في إطار تنفيذ هذا المشروع اقتناء الآليات اللازمة كالحفارات والشاحنات والجرافات المنجمية التي تمكن من فتح المنجم للاستغلال، وتركيب مصنع لمعالجة خام الحديد يضم وحدات صناعية للطحن والغربلة، وشبكات من الأشرطة الناقلة، ووحدة لشحن عربات القطار، إضافة لمكاتب وورشات صيانة المصنع وملحقاتها.
وتابع فخامة رئيس الجمهورية بعد أن وضع حجر الأساس وأزاح اللوحة التذكارية لهذا المشروع، شروحا حول مكوناته والأساليب الفنية المتبعة في تنفيذه وحجم الزيادة التي سيوفرها لإنتاج الشركة، والمزايا الاقتصادية والاعتبارية التي ستترتب على تنفيذه.
وأوضح معالي وزير البترول والمعادن والطاقة، الناطق باسم الحكومة، السيد الناني ولد اشرقه، أن إطلاق هذه السلسلة من المشاريع الحيوية ستحدث نقلة نوعية في الارتقاء بأداء شركة “سنيم”، وفي تعظيم عائداتها على البلد كافة، وعلى ساكنة هذه المنطقة خاصة.
وبين أن هذه المشاريع تستهدف رفع إنتاج الشركة من خام الحديد، وتعزيز وتنويع مصادر الطاقة، فضلا عن خدمات اجتماعية حيوية لصالح سكان المنطقة، من قبيل توفير مياه الشرب وفك العزلة، مشيرا إلى أن الكلفة الإجمالية لهذه المشاريع، مجتمعة، تبلغ أزيد من 102,5 مليار أوقية قديمة، بتمويل ذاتي صرف من الشركة الوطنية للصناعة والمناجم.
ونبه إلى أن نجاعة المسار الجديد الذي رسمه فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، لشركة “سنيم”، فاتح أغشت 2019، أعاد كيانها وتوازنها، بعد أن أربكتها التدخلات الارتجالية في تسييرها، وتضررت كثيرا من إلزامها ما لا يلزم، مما ليس لها به كبیر شأن.
وأشار إلى أنه منذ ألزم فخامة رئيس الجمهورية القطاع الوصي، بالعمل على قلب المعادلة لجهة الرفع من جاذبية قطاع المعادن، ومن مردوديته، وانعكاساته الاقتصادية، وتنويع المصادر المعدنية وتطوير نشاط الاستغلال التقليدي وشبه الصناعي للذهب، جرى الإصلاح على عدة مسارات تضمنت إعادة هيكلة الذراع التاريخي للدولة في مجال البحث والتنقيب، وخصوصا المكتب الموريتاني للبحوث الجيولوجية تحت تسمية “الوكالة الوطنية للبحوث الجيولوجية والأملاك المعدنية” كمتعامل عمومي في كل ما له علاقة بالبحث الجيولوجي والترقية المعدنية، إلى جانب تسيير مساهمات الدولة في شركات الاستغلال المعدني.
وأضاف أنه تم القيام بإجراء مراجعة شاملة للإطار القانوني ككل، بما في ذلك، بلورة استراتيجية وطنية للتعدين، وإدخال إصلاحات جذرية على نظام السجل المعدني، كان من شأنها استعادة الثقة بين الدولة والمستثمرين، عبر إقرار إجراءات ومسارات واضحة وشفافة، والشروع في مراجعة مدونة المعادن وتحيين دليل المستثمر المنجمي، فضلا عن العمل على وضع قانون توجيهي للمحتوى المحلي في الصناعات الاستخراجية.
و بين أن هذه المرحلة تؤسس للانتقال إلى تنويع إنتاجية القطاع، عبر تثمين المعادن غير الحديدية واستغلال موارد معدنية حيوية، كاليورانيوم – مصدر طاقة الغد – والفوسفات – فضلا عن معادن استراتيجية أخرى، يتهافت العالم أجمع للحصول عليها، منها، على سبيل المثال لا الحصر، الليثيوم والغرافيت والتربة النادرة والكوبالت والنيكل.
وقال إنه يسجل اليوم بارتياح كبير، نجاح هذه المقاربة، بشهادة المبادرة الدولية للشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية، التي منحت بلادنا هذا العام، درع الريادة في الشفافية في ميدان الصناعات الاستخراجية، بوصفها من ضمن البلدان الرائدة في المجال.
وبدوره، أوضح الإداري المدير العام للشركة الوطنية للصناعة والمناجم (اسنيم)، السيد محمد فال ولد اتليميدي، أن الشركة أعدت برنامجا استراتيجيا طموحا، يمثل خطة عمل متكاملة، تتماشى مع سياسات واستراتيجيات وزارة البترول والطاقة والمعادن لتطوير القطاع، سيمكن من زيادة إنتاج الشركة، وتنويع منتجاتها، وزيادة القيمة المضافة لها، فضلا عن تطوير المصادر البشرية، والرفع من مستوى الخدمات الاجتماعية، والاهتمام بالتنمية المستدامة؛ كما سيمكنها أيضا من مواكبة التغيرات الحاصلة في ميادين عملها وبيئتها، ورفع التحديات القائمة، إضافة إلى إرساء شراكات استراتيجية في ميداني المعادن والطاقة.
وأشار إلى أن شركة (اسنيم) بدأت تطبيق هذه الاستراتيجية لتقويم وضعية المناجم، حيث عانت مناجم الشركة في السابق من مشاكل بنيوية في الاستغلال، نتيجة لظروف معينة، وقد تم العمل على تحسين وضعية المناجم، لكي تتلاءم بطريقة أفضل، مع الخطط المنجمية الأصلية، وهو ما استدعى الاستثمار في الآليات المنجمية والمصادر البشرية، إضافة إلى التغلب على إرث صيانة الآليات الاستراتيجية، كالشاحنات المنجمية والجرافات الكبيرة والقاطرات.
وأضاف أن الإجراءات التي قيم بها تم في إطارها معالجة بعض المشاكل الكبيرة، التي كانت تمنع مصنع “الكلب2” من بلوغ أهدافه الإنتاجية، حيث تضاعف إنتاجه خلال السنوات الأخيرة، ليصل، هذه السنة، إلى 2.7 مليون طن.
وقال إن مصنع معالجة الخام بمنطقة “TO14″، الذي دشنه فخامة رئيس الجمهورية نهاية سنة 2020، كان له الأثر الكبير في زيادة إنتاج الخامات الدقيقة، إذ وفر مرونة إضافية في استغلال مصانع المعالجة.
وذكر بأن الشركة تتمتع باحتياطيات ضخمة من خام الحديد، تقدر بمليارات الأطنان، معظمها من صنف “المغناتايت”، المواتي لصناعة مركزات ومكورات الحديد الصلب، وهو ما يتيح لها جملة من الفرص الاستثمارية
أما رئيس جهة تيرس الزمور، السيد الحضرامي ولد أحماد، فقد أشاد بما يوليه رئيس الجمهورية من جهود مشهودة في سبيل بناء وتقدم الوطن، مشيرا إلى أن بلادنا بتدشينها لهذه المشاريع العملاقة تكون قد كسرت أكبر تحد عرفه الشمال الموريتاني وكان عائقا أمام دفع عجلة التنمية وتحقيق النمو الاقتصادي.
وأشار إلى أن هذه المشاريع سيكون لها الأثر الإيجابي على التنمية الاقتصادية للبلد بصفة عامة، وفي ولاية تيرس الزمور بصفة خاصة، مشيرا إلى أن هذه الولاية، رغم ما تتوفر عليه من موارد طبيعية واقتصادية أساسية، لم تستفد حتى الآن بشكل مباشر من المردودية المفترضة لهذه الموارد.
وتقدم بجملة من المطالب اعتبرها ضرورية بالنسبة لسكان الولاية من ضمنها بناء مركز استطباب جهوي في ازويرات، وتوسعة شبكة المياه، وتعويض سكان إفديرك عن الآثار السلبية المترتبة على الاستخراج من المنجم الجديد، وحل مشكلة نقص المياه في مقاطعة بئر أمكرين.
وثمن عمدة أفديرك، السيد محمد الشيخ محمد سالم بله، في كلمة قبل ذلك، ما تحقق من إنجازات كبرى، مشيرا إلى أن إشراف رئيس الجمهورية على تدشين منجم أفديرك، يشكل لبنة في سبيل النهوض بالاقتصاد الوطني تلبية لما تتطلب المرحلة من إنجازات ومشاريع تخدم المواطن، خصوصا الفئات الهشة من المجتمع التي حظيت بلفتة وعناية خاصة من طرف فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
جرى حفل وضع حجر الأساس بحضور الوزير المكلف بديوان رئيس الجمهورية، ووزير التجهيز والنقل، ووزير المياه والصرف الصحي، ووزير البترول والمعادن والطاقة، الناطق باسم الحكومة، ووالي تيرس الزمور، ورئيس جهتها، وعمدة بلديتي أفديرك وأزويرات، ونواب المقاطعتين المذكورتين، والإداري المدير العام للشركة الوطنية للصناعة والمناجم، ومنتخبي ووجهاء وأطر ولاية تيرس الزمور.