خيرية "سنيم".. منجم الصور وخواء الإنجاز

سبت, 2025/05/03 - 3:36ص
صور من بعض إنجازات الخيرية في أدباي بأطار

فيما كانت الشركة الوطنية للصناعة والمناجم "سنيم" تنفض الغبار عن صورتها، وتدخل مرحلة إصلاحات غير مسبوقة بقيادة مديرها العام محمد فال ولد التلميدي، الذي ضخ الروح في الجسد الاجتماعي للشركة من خلال التحفيزات والتكوين والاستثمار في الإنسان، كانت ذراعها الخيرية مشغولة بأمور أكثر أهمية كاختيار فيلتر الصور المناسبة، وزوايا الظهور الأكثر إيهاما بالمنجز.
الشركة الأم حققت أرباحا ضخمة في السنوات الأخيرة، وعينت للخيرية نسبة 3% منها، على أمل أن تترجم هذه الأموال إلى مشاريع تنموية تسابق الإنجازات… لكن يبدو أن الخيرية قررت التفرغ لأعمال "خيرية جدًا" كتنظيف مكب نفايات في أطار، والتقاط صور من داخله، ونشرها بكل فخر على منصات التواصل الاجتماعي، وكأن القمامة تحولت إلى ذهب.
أما في ازويرات، فالوضع أكثر إثارة فمن مدينة اعتادت على مشاريع كبرى تحمل توقيع الخيرية، تحولت اليوم إلى ساحة لتوزيعات نقدية موسمية خلال العشر الأواخر من رمضان، توزع بأناقة مفرطة لا تخلو من حضور دائم لشخص لا يفوت فرصة للظهور، ولا مناسبة إلا وكان في صدر الصورة، حتى تظن أن إدارة الخيرية انتقلت بكاملها إلى المدينة، أو ربما أنها لا تعرف مديرا سواه.
والمفارقة أن الخيرية أصبحت تكتفي بالتقاط الصور عند مشاريع لا علاقة لها بها. ملعبان في ازويرات مولا من قبل إدارة الاتصال والعمل الاجتماعي في سنيم، دخل أحد مسؤولي الخيرية أرضهما، التقطت له صور، ففهم المتابع أن الخيرية تقف خلف هذا الإنجاز، ولو معنويا. ثم تتكرر الحيلة في بنعمير، حيث حفرت إدارة البحث والتنويع المعدني بئرا ارتوازية، وفور تدفق الماء، يظهر أحدهم في الصورة، يقترب بهدوء، يضبط وقفته، ثم تخرج الصورة للعلن... ومن لم يكن يعلم ظن أن الحفار خرج لتوه من تحت الأرض.
أما في انواذيبو، فدعوة للمنتخبين والسلطات لحضور "إطلاق مشروع تعليمي كبير"، ليتضح أن الإنجاز هو تمويل ساعات تقوية لتلاميذ الأقسام النهائية. نعم، ساعات تقوية… تلك التي كانت تتكفل بها في ازويرات مجرد رابطة ثقافية ورياضية اسمها "الكدية"، دون ضجيج ولا "بث مباشر".
لقد تحولت الخيرية من صانعة أثر إلى راكبة موجة. من مبادرة إلى متفرجة. من مؤسسة كانت تقود التنمية، إلى كيان يجيد فقط الظهور في "الوقت المناسب" بجانب أي منجز… بشرط أن لا يكون لها فيه أي فضل حقيقي.
ويبقى السؤال معلقا في السماء كما تعلق لوحات التدشين في غير محلها.
فهل سنرى يوما تعود فيه الخيرية إلى أصل فكرتها؟ أم أن "الخير" صار يختزل في المنشورات، والإنجاز في زاوية تصوير، والظهور في حفلة لا علاقة لك بها سوى أنك مررت صدفة من أمام الكاميرا؟
ازويرات ميديا