
بقلوب يعتصرها الأسى، ونفوس مؤمنة بقضاء الله وقدره، نودع اليوم في مدينة ازويرات ركنا من أركانها، وعلَما من أعلامها، الأستاذ محمد بوي ولد اجيه، الذي ارتحل عن دنيانا الفانية، مخلفا وراءه سيرة عطرة، ومواقف لا تنسى، وذكرى باقية في وجدان كل من عرفه أو تعامل معه.
لم يكن محمد بوي شخصا عاديا، بل كان من أولئك الذين تنسج المدن من أمثالهم هويتها، وتستند إليهم في أوقات الشدة. ابن أسرة مشيخة كريمة عرفت بالصلاح والورع، ورجل نذر نفسه لخدمة مدينته، سواء من موقعه في الشركة الوطنية للصناعة والمناجم "سنيم"، أو من خلال دوره البارز في اتحادية المنمين بولاية تيرس زمور، حيث وقف بشجاعة مع زملائه دفاعا عن حقوق المنمين، وسعى بإخلاص إلى ما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
جمعتني به آخر رحلة إلى عمق بادية زمور، إلى جانب إخوتي أحمد ولد لفرك واعل مخطير، وكانت لحظات اختبرت فيها معادن الرجال، فكان محمد بوي فيها الأخ والرفيق، بثباته، وطيب عشرته، وتواضعه الكبير رغم فارق السن والمقام.
رحل محمد بوي، الرجل الذي كان يؤمن بالمسجد ملتقى للخير، ويجعل من حسن الخلق أسلوب حياة، وكأنه كان يستعد لهذا اللقاء الأبدي، فمضى إلى ربه على ما يحب الله من عباده الصالحين.
باسمي الشخصي، ونيابة عن كل من عرف هذا الرجل الفاضل، أتقدّم بأحر التعازي وأصدق مشاعر المواساة إلى أسرته الكريمة فردا فردا، وإلى كل سكان ولايتي تيرس زمور وآدرار، سائلا الله أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويلهم ذويه الصبر والسلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
رابط الرحلة
https://youtu.be/CrejXZPaHOQ?si=P_QfUm7iHSz9lRRz