الماعز والسيارات: معركة غير معلنة في أحياء ازويرات

ثلاثاء, 2025/08/19 - 10:15ص

في أحياء ازويرات العمالية، حيث الشوارع منظمة والمنازل متشابهة، تسللت نكهة البادية على حين غفلة، تحملها معها حظائر صغيرة للماعز شيدها بعض العمال بجوار بيوتهم وأحيانا داخلها من أجل الحصول على لبن طازج للأسر، وخليط اللبن والماء "ازريك" الأصيل الذي يروي العطش في القيظ، وشيء من عبق الحياة البسيطة التي عرفوها قبل قدومهم إلى المدينة.
لكن مقابل هذا، هناك فئة أخرى من العمال ترى سياراتها كملك مهم تغسلها، تلمعها، وتحرص على أن تبقى خالية من الخدوش. إلا أن هذه السيارات أصبحت هدفا دائما لقرون الماعز التي تجد فيها جدار حك مجاني، وأحيانا منصة قفز واستعراض.
والماعز هنا ليست كأي ماعز كما يقول أحد أصحاب السيارات رباعية الدفع المطلية بلون أبيض، إنها ماعز ازويرات التي حين تصعد إلى سقف السيارة لا تكتفي بالقفز منها ببساطة، بل تقوم بحركة بهلوانية، دوران مرتين في الهواء ثم هبوط محترف على نفس البقعة، وكأنها تقول لصاحب السيارة: "أعدتُ التجربة بنجاح، والآن الدور عليك لتصلح الضرر".
وهكذا يبدأ حوار افتراضي لما يجري يوميا بين صاحب السيارة وصاحب الماعز في هذه المدينة الجميلة.

صاحب السيارة (وقد فاض به الكيل):
يا أخي، اليوم المعزة نزعت لوحة ترقيم سيارت كأنها تقول لي: "خليك مجهول الهوية"!
صاحب الماعز (بهدوء):
يا صاحبي، لا تكبر الموضوع، المعزة ربما رأت اللوحة مثل عشب ناشف، جرّبت حظها فيها.
صاحب السيارة:
وتقول لي لا أكبر الموضوع؟! حتى الطلاء صار فيه خطوط عرضية وطولية كأنها خريطة جغرافية.
صاحب الماعز (ضاحك):
هذه ليست خدوش، هذه رسومات تراثية! أنت لا تفهم الفن الريفي.
صاحب السيارة (متنهد):
يا صديقي، السيارة بالنسبة لي وسيلة أعيش بها، وليست لوحة عرض للماعز.
صاحب الماعز (بجدية):
وأنا أيضا أعيش على لبن الماعز، أولادي يشربونه يوميا، و"ازريك" منه يعطيني طاقة للعمل.
صاحب السيارة:
إذن نحن متفقان أن حياتنا مرتبطة، لكن ليس شرطا أن تكون سيارتي جزءا من برنامج الماعز اليومي.
صاحب الماعز:
طيب، سأحاول حصرها في الحظيرة أكثر، لكن إذا قررت القفز على سيارتك، فهي تفعل ذلك بدافع الموهبة لا العداء.
صاحب السيارة (ساخر):
موهبة؟! حسنا، في المرة القادمة أريد أن تحجز لها مكانا بين أولادك وزوجتك بدلا من فناء بيتي.

ما جرى من وقائع هو من صميم الواقع وما دار من حوار ليس إلا افتراضيا