إلى المايسترو عرفات

أحد, 2025/09/28 - 12:19م

أخي العزيز عرفات،
لقد تابعت ما أثير من انتقادات حول النشيد الذي لحنته لمهرجان اترارزه، ورأيت أن أكتب إليك هذه الكلمات من القلب إلى القلب، لا دفاعا عنك، فأعمالك هي خير مدافع عنك، ولكن تذكيرا لك بأنك من معدن أصيل، ومن نسل لا يعرف إلا الإبداع. فأنت ثمرة أسرتين فنيتين عريقتين هما أهل الميداح وأهل الببان، ويستحيل أن يجتمع هذا الإرث في إنسان ولا يكون مبدعا.
أخي، لا تكترث بأصوات النقد التي تصدر من منافسين مفترضين، فالتاريخ علمنا أن النجاح لا يمر دون سهام، وأن كل مبدع حقيقي لا بد أن يهاجم، بينما من لا دور له في الحياة لا يجد حتى من ينتقده. لقد سبقتك لها شقيقتك المعلومة بنت الميداح حين واجهت في الثمانينات أشد الانتقادات وصلت إلى درجة وصفها بالجنون، قبل أن تفرض إيقاعها الجديد على الأغنية الموريتانية، ليعود خصومها بعد حين محاولين تقليدها.
لا خوف عليك، فقد نافست القنوات الدولية على استضافتك، واحتفت بك مراكز الفن والإبداع في مصر ولبنان وسوريا والعراق، بينما يزخر الأرشيف الموريتاني بتلاحينك الوطنية التي شملت كل المجالات السياسية والتنموية. أذكرك فقط، لا أذكر الجمهور، أنك من أتحفنا بـ "حبيب الشعب" و "نحن في الدرب رفاق فتقدم يا عراق" و "نشيد الكتاب" وغيرها من الروائع التي دخلت كل بيت موريتاني وعربي.
أخي وصديقي العزيز،
هل تتذكر كيف كان الفنانون يتسابقون إليك ليظفروا بلحن يفتح لهم باب الشهرة؟ وكيف قدمت وجوها شابة من أسر فنية، فأدخلتهم ساحة الغناء الوطني من أوسع أبوابها؟ أتتذكر أيضا إصراري، رغم المسافات التي تفصلني عنك، على متابعة كل جديد لك، لأن ذائقتي كانت تعلم أن كل نشيد وكل أغنية منك ستكون علامة فارقة؟
قبل مهرجان اترارزه كنت واثقا أن النشيد الذي ستبدعه لن يكون عاديا، لذلك طلبت منك نسخة منه قبل أن يعرض، وكنت محقا في ثقتي، فقد جاء ورقة تعريفية عن ولاية اترارزه، بتراثها وعراقتها، مزدانا بأصوات شبابية مميزة، وتلحين يخاطب القلب قبل الأذن.
أخي عرفات، أنت كالجبل الشامخ، لا تهزك ريح، وقد بلغ صيتك الآفاق، وعرفتك الساحات الفنية ملحنا فريدا. فامض على بركة الله، ولا تلتفت إلى بعض الضجيج في فضاءات التواصل، فأنت تحمل على كتفيك تاريخا طويلا من الإبداع سيبقى خالدا.
مع كامل المحبة والتقدير،
أخوك: سيد أحمد ولد بوبكر سيره