جاء قرار وزارة المعادن والصناعة في ملف آمنة بنت بهيت انتصارا ناصعا للحق بعد معركة خاضتها امرأة بجسد منقوص وإرادة مكتملة.
فقد أصدرت وزارة المعادن والصناعة قرارها بإلغاء الترخيص الذي منح لخصومها على مقلعها في "تنومر"، بعد أن أثبت القضاء أنها المالكة الأصلية له قبل صدور الترخيص.
قرار أنهى سنوات من الظلم، وأعاد للحق لونه الأول بعد أن حاولت الأيادي العابثة تغطيته بغبار النفوذ.
هكذا إذن انتصرت بنت بهيت.
لا بجيش ولا بجاه ولا بسطوة من مال أو سلطة، بل بذراع واحدة، وساق واحدة، وقلب واحد لا يعرف الاستسلام.
واجهت جبروت التغول بجسد مثقل بالكسور، وناهضت ظلم الأقوياء بصدق بسيط لا يتقن المواربة. كانت تعرف أن الحق قد يتعثر، لكنه لا يضيع. وكانت تقول، لمن حولها، إنها لا تطلب سوى إنصاف يعيد إليها ما زرعته بعرقها، لا أكثر.
وهذا اليوم، يعيد القدر ترتيب المشهد كما يجب.
المرأة التي عانت الغدر، والخيانة، والإقصاء، خرجت من ركام الوجع منتصرة للحق والكرامة. لقد قاومت بنت بهيت بما هو أندر من السلاح، قاومت بالصبر. وحملت قضيتها كما يحمل المؤمن رايته في وجه الريح، لا تملك إلا إيمانا بأن للحق ذاكرة لا تنام، وأن الله لا يضيع دمعة المظلوم مهما طالت الرحلة.
لقد صار اسمها اليوم عنوانا لمرحلة كاملة، وصار انتصارها شهادة حية على أن المرأة الموريتانية، وإن انكسرت أطرافها، فإنها لا تنكسر في الإرادة.
وما أصدق المثل الموريتاني القديم: "لعليات انعايل لكلاب، واعمايم لجواد" فقد جعلها الله عمامة فوق رؤوس الجواد، لا نعلا تحت أقدام اللئام.
انتصرت آمنة بنت بهيت حين جعلت من ضعفها قوة، ومن جراحها سلاحا، ومن صبرها طريقا إلى العدل.
انتصرت حين واجهت جبروت التغول بصوت واثق، وجسد مثقل، وحق ثابت لا يتبدل.
ولأن النصر الحقيقي ليس في إسقاط خصم، بل في انتصار القيم، فقد انتصرت بنت بهيت باسم كل من ظنوا أنهم لا يملكون إلا الصبر. انتصرت لكل امرأة كسرتها الأقدار، فنهضت. انتصرت لكل رجل صدق أن النبل لا يقاس بالقوة، بل بالعدل.
هكذا تكللت رحلتها الطويلة بنور منصف جاء متأخرا، لكنه جاء. وهكذا ختمت بنت بهيت قصتها كما بدأتها، بجرأة في الميدان، وإيمان لا يشيخ، وابتسامة تعرف أن العدل، وإن تأخر، لا يموت.
سيد أحمد ولد بوبكر سيره
.gif)
(2).gif)


.gif)
