لا يجد المتتبع لشؤون الشركة الوطنية للصناعة والمناجم سنيم صعوبة كبيرة في فهم كنه التعيينات الأخيرة التي أجرتها الإدارة الجديدة بعد تصدر المهندسين الشباب للمراكز القيادية في الدورة الإنتاجية للشركة.
فرغم زيادة سن التقاعد، وما شكلته من حواجز أمام ولوج المهندسين الشباب للمراكز القيادية في الشركة بفعل تمديد الخدمة للمهندسين القدامى، جاءت تعيينات سنيم الأخيرة لتزيل تلك الحواجز التي حرمت عشرات المهندسين الشباب، المشهود لهم بالجدية والكفاءة ونظافة اليد، من الولوج إلى المراكز القيادية في الشركة المنجمية. وبالتالي حُرمت الشركة، ومن ثم الاقتصاد الوطني، من حيوية وفعالية طاقات شابة كادت تشيخ قبل استغلالها على أحسن وجه وفي الفترة العمرية التي يكون فيها العطاء في أعلى مستوياته وجودته.
ولأن دورة الإنتاج في شركة اسنيم تمثل عمودها الفقري، فقد فضلت الإدارة الجديدة للشركة فسح المجال أمام الطاقات الشابة لإدارة عمليات الإنتاج من خلال تعيين عدد من المهندسين الشباب على رأس هذه الإدارات لقيادة العمل الميداني الذي يتطلب حيوية ونشاطا دائمين، مع الاحتفاظ ببعض القدامى للإستشارة والإستفادة من تجاربهم. إنها عملية بالغة الأهمية تتمثل في الاستفادة من تجارب القدامى واستغلال طاقات الشباب، وهو بالضبط ما يعني ضخ دماء جديدة دون التخلي التام عن الدماء القديمة التي رسمت السياسات السابقة وراكمت التجارب المفيدة.
ولأن حلقة الإنتاج تبدأ من ازويرات، تم تعيين مهندسين شابين على رأس إدارتي مقر الإستغلال وكلب الغين: هما على التوالي المهندس محمد ولد محمد ماء العينين والمهندس المصطفى ولد أحمدو، فيما شغل ثالث منصب مدير الطاقة والمياه، وهو محمدو ولد يحيى.
ورغم استحداث إدارة كبيرة تتبع لها هذه الإدارات الثلاث، وتعيين أحد الأطر القدامى على رأسها، وهو الأستاذ محمد عبد الله ولد اخطيره، فإن المهندسين الثلاثة في ازويرات سيتولون المسؤولية بشكل مباشر في إداراتهم، فيما ستكتفي إدارة قطب الإنتاج حسب ما يفهم من المذكرات التي صدرت يوم الجمعة الماضي بعملية التنسيق بين هذه الإدارات وتقديم النصح والإرشادات لها، وهو ما يفسر تواجد مقر هذه الإدارة في انواذيبو. ولعل هذه الهيكلة تمثل مثالا على المقاربة الجديدة المبنية على تصدر الشباب للعملية الإنتاجية والإستفادة من تجارب القدامى، فالمعادلة واضحة بالنسبة لإدارة اسنيم الجديدة: فهناك كفة التجارب التي لا غنى عنها (وتمثلها الأجيال القديمة)، وهناك كفة الفعالية الضرورية لتحيين العمل وتسريع وتيرة الإنتاج (وتمثلها الأجيال الجديدة).
وهكذا استمر المهندسون الشباب في شغل المناصب القيادية في الشركة وفقا لتحويلات إدارة سنيم، فتم تعيين المهندس محمد الحسين ولد محمد مديرا للسكة الحديدية والميناء، والمهندس الشاب الحافظ ولد يهيى مديرا تجاريا للشركة. وواصلت الوجوه الشبابية الجديدة زحفها متقلدة مناصب مهمة أخرى في الهرم الوظيفي للشركة، فتربع المهندس الشاب الهلال ولد بابا على رأس إدارة المشتريات واللوجستيك، بينما أسندت مهمة إدارة المصادر البشرية للمهندس يسلم ولد الحسن. وتواصلت تعيينات المهندسين الشباب لتشمل الشركات المتفرعة عن اسنيم، فكلف المهندس حمزه عبدول بإدارة شركة سافا، في حين أسندت مهمة إدارة مشروع تكامل للمهندس الشاب عبد الله ولد أحمد.
ولعل المقاربة الجديدة لإدارة اسنيم تعطي الانطباع، لدى المحللين والمتتبعين، بأنها ستتكلل بالنجاح لا محالة ما دامت تقوم على استغلال التجارب والخبرات من جهة، واستغلال الطاقة والحيوية من جهة أخرى.